حين يتحول الدعم “الأهلي” إلى اتهام: ماذا يحدث في ملف وسام أبو علي؟

كتب: محمد عبداللاه
في عالم كرة القدم، الموهبة وحدها لا تكفي، تحتاج إلى صبر، وإلى انتماء حقيقي للفريق، وإلى فهم عميق لما يعنيه أن ترتدي قميص نادٍ بحجم جماهيري وتاريخي مثل الأهلي المصري. فبدون هذه العناصر، تتحول الرحلة إلى محطة قصيرة، مهما كانت البداية واعدة.
في السنوات الأخيرة، ظهرت بوضوح ظاهرة مغادرة بعض اللاعبين الساحة المحلية سريعًا، طمعًا في تجربة خارجية، قبل أن يتركوا بصمتهم الكاملة مع أنديتهم. وبين الطموح المشروع والقرارات المتسرعة، تظهر تحديات قلة الخبرة وضعف الارتباط العاطفي بالقميص.
اللاعب وسام أبو علي قد يكون أحد أبرز النماذج التي تستحق التوقف عندها. فمنذ قدومه إلى الأهلي، وفي نصف موسم فقط، نجح في أن يصبح هداف الدوري المصري، وترك بصمة لافتة بأدائه القوي وتحركاته الذكية، وبدأ في كسب ثقة الجماهير التي دائمًا ما تكون صعبة الإرضاء. اللاعب أظهر في فترة قصيرة ملامح مهاجم مختلف، يجمع بين الذكاء الحركي، والجرأة الهجومية، والروح القتالية.
لكن بالرغم من ذلك، فضّل أبو علي أن يفتح صفحة جديدة في مسيرته، باحثًا عن تجربة احترافية في الولايات المتحدة الأميركية. خطوة منطقية من حيث الطموح، لكنها في نظر الكثيرين جاءت مبكرة، في وقت كان يمكن له أن يصنع لنفسه مجدًا داخل القلعة الحمراء.
ما لا يعرفه الكثيرون أن النادي الأهلي كان له دور محوري في دعم اللاعب على المستوى الدولي؛ فقد قام بإصدار جواز سفر فلسطيني خاص له، وهو ما مهد لانضمامه إلى منتخب فلسطين الذي تألق معه مؤخرًا، وحمل اسمه إلى الساحة الدولية باحترام وتقدير كبيرين.
لذلك، كان من المستغرب تمامًا أن يصدر الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بيانًا يطالب فيه الأهلي بتهدئة الرأي العام لجماهيره، ويدعو رئيس الاتحاد المصري للتدخل. فبدلاً من احتواء الموقف، بدا البيان وكأنه يصب الزيت على النار، دون تقدير للدور الإيجابي الذي لعبه الأهلي في دعم وسام وتمكينه دوليًا. مثل هذه المواقف لا تخدم اللاعب، ولا المنتخب، ولا العلاقة التي جمعت كل الأطراف على مصلحة مشتركة.
ختاماً وسام أبو علي يمتلك موهبة حقيقية، وحقق الكثير في فترة قصيرة. لكن عليه أن يدرك — كما يدرك كل من مر من هنا — أن الأهلي لا ينسى من أخلص له، ولا يغفر لمن غادر قبل أن تكتمل قصته.
أما الاتحاد الفلسطيني، فعليه أن يُعيد النظر في أسلوب تعامله مع نادٍ منح أحد أبنائه فرصة لم يكن ليحصل عليها لولا ثقته، واحتضانه، ودعمه الكامل. فمثل هذه التصريحات غير المدروسة… تزيد الطين بلّة.






