عاجلمقالات

دعاء نوير .. تكتب: غرفة بلا أبواب

دعاء نوير .. تكتب: غرفة بلا أبواب

دعاء نوير .. تكتب: غرفة بلا أبواب
دعاء نوير

يترأ إلى ذهن الكثيرين حين يقبلون على إقامة علاقة جديدة بحياتهم أنهم بحاجة إلى كثير من الأدوات لإقامة تلك العلاقة ويتناسوا بل. وقد يغفلون تمام عن أهم ما يربط تلك العلاقة والذي يثبت القوائم التي تبنى عليها العلاقة سواء كانت العلاقة علاقة أسرية أو علاقة عمل أو صداقة ألا وهي الثقة.

‎الثقة ذلك الجسر الخفي القادر على تحقيق النجاح أو الفشل فى أى علاقة، فلا نجاح لعلاقة غابت عنها الثقة والإحساس بالأمان تجاه الآخر. فأن تحظى بثقة الأخرين خيراً لك من أن تحظى بحبهم. فالثقة هى إعتماد بين شخصين فتعد رمز وقيمة أخلاقية يتوقع فيه الشخص كل النوايا الحسنة من الأخر. فالثقة لا يمكن التحقق منها فى الوقت الحالى بل يدركها الإنسان من رؤية نتائجها فى المستقبل، وذلك لأن الثقة المزيفة كالعملة المزيفة لا تكشف إلا عند التعامل.

فقدان الثقة 

فمن أصعب ما قد يواجه الإنسان ويجعل منه وحيداً ومنعزلا وهو فقده للثقة فى كل من هم حوله. ويتعرض لخيبة أمل من أقاربه وأهله وأصدقائه الذين أبتعدوا ولم يساعدون فى أشد احتياجه إليهم وهنا يصبح المرء فى غرفة بلا أبواب … لا يستطيع الخروج منها حتى يمد جسور أخرى من الثقة. وحينئذ يحبس الإنسان نفسه خلف أسوار أسوأ زنزانة على الإطلاق وهى نفسه .

‎فمنح الثقة والتخلي عن الحواجز والأسوار هى أصدق طريقة لإيصال مدى حبنا للأخر. فالثقة هى ما تظهر قيمة الصداقة والحب بين الأشخاص. فلا تكمن روعة الصداقة والحب فى وجود شخص يساعدك أو يحاول التخفيف عنك وقت الشدة. بل شخص يلهمك بثقته فيك وإيمانه بك.

فعندما نزل الوحي على نبينا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لجأ مسرعاً إلى أكثر شخص وثق به واطمئن له وهى زوجته أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها. والتي ضربت أعظم الأمثلة فى وفاء الزوجة واحتواءها لزوجها فى كل أمور حياته وإظهار ثقتها الكاملة له وإيمانها وتصديقها له قولا وفعلا. وفعندما رجع فزعا مسرعا من غار حراء يرتعش من هول وعظم ما لاقاه، غطته وعندما قص عليها ما حدث له قالت له ” كلا والله لا يخزيك الله أبدا. فوالله إنك لتصل الرحم. وتصدق الحديث. وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتكرم الضيف. وتعين على نوائب الدهر” . فتلك هى الزوجة الواثقة بزوجها الداعمة له والتي قال عنها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ” آمنت بي إذ كفر بي الناس. وصدقتني إذ كذبني الناس. وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء”

‎الثقة

فالثقة لابد وأن تكون أمر متبادل بين شخصين ولا يفترض أن تكون من جانب واحد. كذلك الثقة بين الأصدقاء. فكان أول من صدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من الرجال. الصحابي الجليل أبو بكر الصديق. والذي آمن به وصدقه حين كذبه قومه ورافقه وسانده فى الدعوة. تلك هى جسور الثقة التي تزرع وتحصد نتائجها مع مرور الأعوام.

‎فالثقة شعور مكتسب يكتسبه الإنسان من واقع تجاربه مع الأخر، ولكن هناك نوع أخر من الثقة. وهي الثقة الفطرية. والتي نادرا ما نلتفت إليها أو نقدر قيمتها، فالطفل دائما ما يثق بإمه أنه عندما يقع سوف تهرع إليه وتحتضنه. وعندم يجوع فسيجد من يطعمه، وعندما يلعب سيجدها أيضاً تجتهد حتى تلاطفه وترضيه. وأيضاً ثقته بأبيه. فعندما يلاعب الأب ابنه ويرفعه إلى أعلى فالطفل حينئذ لديه ثقة كاملة أن أبيه هو من سيلتقطه ويأخذ بين أحضانه ولا يتركه يرتطم على الأرض.

‎هنا تكمن كل معانى الثقة والتى تشعر الإنسان بوجوده وأهميته فى الحياة. فالثقة هى الحياة، فبدون الثقة تصبح العلاقة جوفاء بلا معنى. فالذي يحيا بالثقة تحياه الثقة. ولكن ليس معنى حديثى هذا أن يمنح الإنسان الثقة لكل شخص. بل إن الثقة شعور ثمين بداخل كل إنسان منا ومن المفترض أن لا يهبه الشخص إلا لمن يستحقه. فالثقة مثل ناطحة سحاب بناؤها يحتاج إلى سنوات بينما يحتاج هدمها إلى دقائق معدودة.

زر الذهاب إلى الأعلى