مقالات

د. محمد الباز يكتب.. بين عالمين 

د. محمد الباز يكتب.. بين عالمين

د. محمد الباز يكتب.. بين عالمين 
ارشيفية

بينما كنت اتصفح مواقع التواصل الإجتماعي كعادتي لأعرف أخبار العالم ، إذ استوقفني خبر عجيب حيث قرأت تغطية لحفلة عمرو دياب فى العالمين والتى استغرقت بالظبط ساعة واربعين دقيقة تراوح سعر التذكرة فيها بين الألفين حتى وصل لعشرة آلاف جنيه، شاهدت عالم غريب فى العالمين ، عالم يرقص ويغنى ويدفع الأموال الطائلة على شىء لا يتعدى حتى كماليات الحياة ، الحفل انتهى كامل العدد وخرج علينا الإعلاميين يمجدون الحفل ويصفون المطرب بالعبقرى وكأنه واضع خطة عبور قناة السويس أو من يرشدنا لاسترجاع الأقصى.

تركت هذا العالم لأكمل التصفح فى المواقع لأجد من يسرق كى يدفع لأولاده حق الغذاء ومن يسجن من أجل قسط مروحة ناهيك على حوادث الانتحار من أجل الفقر المدقع ، اندهشت وتحيرت من الإنقسام الجغرافي الرهيب الذى وصل به المجتمع الآن ، هناك عالم يعيش حرفيا كل الصيف بين الساحل والعالمين بخلاف من يسافر خارج القطر طبعاً ، عالم كل مشاكله فى الحياة عدم التنسيق فى دخول حفلات مطرب ، تغيير قصات الشعر ، عدم وجود سينما مائية فى أماكن كثيرة … وغيرها من القضايا الوجودية التى تشغل تفكيرهذا العالم طول الوقت.

وهناك عالم اخر يتغير مزاجه حرفيا كل دقيقة بتغير أسعار الأكل والشرب ، عالم أصبح يحسب تكاليف مشواره يوميًا لجلب لقمة العيش بعد زيادة أسعار البنزين ، عالم أصبح يوازن بين أنواع الخضروات لاستبعاد الغالى منها ، عالم يحاول أن يعيش كى يربى أولاده على حياة صعبة ومطلوب منه فى ظل تلك الظروف أن يأكل ويشرب ويلبس ويعلم بل ويحاول أن يزوج أولاده ، كيف يستقيم الأمر فى ظل كل ذلك الفرق بين العالمين ، كيف ينمو الاقتصاد وتتقدم الدولة والمجتمع بين شطرين شطر يعانى من مشوار يومى لجمع لقمة العيش وشطر آخر مستعد لدفع عشرة آلاف جنيه فى أقل من ساعتين لسماع مطرب كل اغانيه أصلا متاحه مجانا ، من سيبنى المجتمع ويشده هل من يذاكر آناء الليل وأطراف النهار ليخرج طبيب أو مهندس أو معلم ، هل من يقبع فى التدريب والتعليم أو الاقتراض من أجل كورس برمجة لا يملك ثمنه .. أم أبناء العالم الموازى الذى يأخذ من والده أكثر من مرتب اثنين موظفين كى ينفقه فى دقائق ، ولكنى فى النهاية نؤكد للعالم الآخر عالم الشقاء والكد ، عالم التعلم والعمل أنت على الطريق الصحيح اقتراضه أو تعبك من أجل تعلم علم يفيد الناس وينير طريقهم أفضل بكثير من تنقلك بين الشواطىء لتسمع كلام مكرر لا يغنى ولا يسمن من جوع وكما قال الله سبحانه وتعالى ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث فى الأرض) سورة الرعد

 

 

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى