عاجلعالم الفنمقالات

صدف وأقدار بقلم الكاتب الصحفي والناقد السينمائي: أشرف غريب

صدف وأقدار بقلم الكاتب الصحفي والناقد السينمائي: أشرف غريب

صدف وأقدار بقلم الكاتب الصحفي والناقد السينمائي: أشرف غريب
الفنانة سهير البابلى

رغم أن مشوارها الفنى بدأ عام 1957 إلا أن الراحلة سهير البابلى ظلت حتى بدايات سبعينيات القرن العشرين مجرد ممثلة سينمائية مساعدة لها مجموعة من الأدوار البسيطة على غرار أفلام صراع مع الحياة ، هل أقتل زوجى ، ساحر النساء ، لوكاندة المفاجآت ، نهر الحب ، وصولا إلى دوريها البارزين فى ” يوم من عمرى ” و ” عندما نحب ” أما فى المسرح فكانت بحكم انتمائها إلى فرقة المسرح القومى مجرد ممثلة لجمهور الصفوة الذين يحضرون عروضا مثل : الفرافير ، الناس اللى فوق ، بيت برنارد ألبا ، الخال فانيا .. بعبارة أخرى فقد طلت سهير البابلى لمدة خمسة عشر عاما فى هذه المنطقة الضيقة من مساحة الأدوار ومن ثم النجومية ، حتى جاءتها النقلة الفنية المهمة التى كانت بحاجة إليها كى تعيد صياغة وجودها على خريطة فن التمثيل فى مصر .

إنها عفت عبد الكريم مدرسة الفلسفة بطلة مسرحية ” مدرسة المشاغبين ، ورغم أن المسرحة كانت تحمل كل مقومات نجاحها بداية من نص المؤلف على سالم ورؤية المخرج جلال الشرقاوى وموسيقى سيد مكاوى وكلمات عبد الرحمن شوقى إلا أن كل هذا النجاح الطاغى كان من الممكن أن يضيع على سهير البابلى ونبقى طويلا فى هذه المنطقة المحدودة من الأدوار والنجومية ، وهذه هى تصاريف القدر التى أنقذت مشوار سهير البابلى كله بفضل مسرحية ” مدرسة المشاغبين ” .

صدف وأقدار بقلم الكاتب الصحفي والناقد السينمائي: أشرف غريب
الفنانة سهير البابلى

فقد بدأت المسرحية بالفنانة ليلى طاهر بطلة لها ، ثم ميمى جمال بعد اعتذار الأولى ، وأتت سهير البابلى بعدهما ، ثم ما لبثت أن اعتذرت هى الأخرى لتحل محلها النجمة نيللى ، لكن القدر شاء أن يتم تصوير المسرحية تليفزيونيا فى وجود سهير البابلى لتنفجر قنبلة الضحك فى كل بيت مصرى وعربى ، ويتبادل الناس أشرطة الكاسيت التى تحمل تسجيل المسرحية ، ويحفظ أبناء جيلنا حوار المسرحية الذى امتد لنحو ثلاث ساعات عن ظهر قلب ، وتتحول ” إفيهات ” أبطال العرض إلى لزمات دائمة وحاضرة فى أحاديثنا اليومية ربما حتى يومنا هذا بصورة لم تتحقق على هذا النحو لأى عمل فنى آخر.. باختصار لقد خرج كل أبطال ” مدرسة المشاغبين ” نجوما مسرحية معترفا بهم ، ومن بينهم سهير البابلى التى كافأتها صدفة التصوير التليفزيونى عن سنوات انتظار الفرصة الحقيقية التى استمرت خمسة عشر عاما .. إنها الصدف والأقدار .

الأمر المدهش أنه فى الوقت الذى فتحت فيه البطولات المسرحية للبابلى ذراعيها بعد ذلك كما فى نرجس والدخول بالملابس الرسمية وع الرصيف وريا وسكينة ونص أنا ونص انتى والعالمة باشا وعطية الإرهابية ظلت السينما على موقفها من هذه الممثلة حتى أنه حينما تم تحويل ” مدرسة المشاغبين ” إلى فيلم من إخراج حسام الدين مصطفى سنة 1974 استغلالا لهذا النجاح الطاغى تم الاستعانة بميرفت أمين بطلة له على حساب سهير البابلى ، وظل الأامر كذلك حتى منتصف الثمانينيات بعد أن تجاوزت المرحلة العمرية التى تسمح لها بالبطولات الأولى ، ولم تبق لها سوى الأدوار الثانية ذات التأثير الدرامى المهم على النحو الذى رأيناه فى أفلام : السيد قشطة ، دقة زار ، الأونطجية ، يا ناس يا هو ، انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط ، وحدوتة مصرية ، مع استثناءات قليلة وصلت فيها البطولة إلى سهير البابلى كما فى ليلة عسل ، وليلة القبض على بكيزة وزغلول ، وهذا بالطبع لسبب بسيط وهو أن للسينما قوانينها التى أضاعت على موهبة سهير البابلى كثيرا من الفرص كانت من الممكن أن تضعها فى مكان آخر على خريطة نجوم فن التمثيل .

زر الذهاب إلى الأعلى