حواراتمقالات

ظاهرة التلفظ بـ الكلمات البذيئة … مشكلة إعتيادية أم كبيرة؟

ظاهرة التلفظ بـ الكلمات البذيئة … مشكلة إعتيادية أم كبيرة؟

ظاهرة تلفظ الكلمات البذيئة … مشكلة اعتيادية أم كبيرة؟
صورة أرشيفية

تحقيق: أحمد الدخاخني

كثير ما يردد العديد من الناس بعض الشتائم و الكلمات البذيئة في الحياة اليومية, وذلك ليعبروا عن غضبهم و سخطهم, وربما يتم ترديدها في سبيل الدعابة و المزاح والسخرية, رغم أن الكثيرين قد لا يدركون أصل هذه الألفاظ و من أين جاءت و كيف انتشرت بين الناس وأن الكل يسمعها و يرددها الغالبية.

وقد تواصلت “عالم النجوم ” مع بعض المفكرين وأصحاب الأراء العلمية لإبداء بـ آرائهم فيما يخص ترديد هذه الكلمات عند المواقف التي تثير الغضب سواء في أماكن العمل أو في الطرقات أو أثناء قيادة السيارات و غيرها من المواقف التي يحضرها الجميع بشكل يومي, بالتواصل مع خبراء للمناقشة في إطار هذا الموضوع من الناحية اللغوية والنفسية.

ظاهرة تلفظ الكلمات البذيئة … مشكلة اعتيادية أم كبيرة؟
سلمي عيد عناني

في البداية تقول سلمى عيد عناني, إحدى الطالبات في كلية الإعلام بجامعة القاهرة”: ترديد الألفاظ البذيئة سواء في العمل أو في وسائل المواصلات تعتبر مشكلة كبيرة ولابد من حقها في التغطية, حيث إن الأشياء المُخلة بالأخلاقيات والدين هي مشكلة و ليست شيئاً عادياً”.

وتوضح ” سلمى” قائلة:” الشخص حين يكون مخطئاً ثم يسب” بيقل في نظري” واستنكر فعله, وأشعر أن الناس تحتاج إلى التركيز في أفعالها بشكل أكبر, كما أني أحزن على الشخص الذي يتعرض للمواقف المحرجة أو التنمر وذلك لأني مررت بمثل هذه المواقف”.

ظاهرة تلفظ الكلمات البذيئة … مشكلة اعتيادية أم كبيرة؟
كيرلس وليم

أما “كيرلس وليم”, مهندس معماري, فيقول:” إن ترديد الألفاظ البذيئة هي مشكلة كبيرة, وذلك لأن ثقافتنا لم تر الوضع قبل ذلك, وأتذكر في فترة المدرسة أن طالباً من يسب نلقبه بـ” بلطجي الدفعة”, واستخدام هذه الألفاظ في الدعابة و المزاح نتيجة أن البعض منهم تعود على قول ذلك منذ فترة طويلة و أصبحت لغة الحوار بينهم, ولم تعد عقولهم تميز بين الدعابة و الشجار. 

ويتابع كيرلس قائلاً: ” كان هناك شخص كبير قال لي ذات مرة إن الذي يعتاد على تلفظ كلمة أو تعبير أو سب لا يستطيع التوقف عنه ويلازمه في كل حديثه وإن كان على سبيل المزاح, حيث إن كل كلمة ستقال لأحد وبجانبها كلمة اعتراضية قديمة مشهورة في الأسكندرية (دون ذكرها) و كنا نسمعها في إحدى المسرحيات المشهورة , فتصبح الكلمة تخرج لا إرادياً من لسانه, والأمر يتطور بالتأكيد من جيل إلى آخر وهذا موضوع سيء جداً.

ظاهرة تلفظ الكلمات البذيئة … مشكلة اعتيادية أم كبيرة؟
د. أشرف الشامي

في هذا الصدد من الناحية اللغوية, يقول د. أشرف الشامي, الحاصل على الدكتوراة في اللغة العربية, إن اللغة بشكل عام فضل ونعمة من الله سبحانه وتعالى على الإنسان لكي تكون وسيلة للتواصل, حيث إن هناك كائنات أخرى ليست لديها لغة تواصل مثل الحيوانات, فهي نعمة مثل أي نعمة من الممكن أن يستخدمها الإنسان بشكل جيد في طاعة الله و الهدف الذي خلق الله الإنسان من أجله, وهناك من يسيء استخدامها, شأنها شأن نعمة الصحة التي يستخدمها الإنسان في مساعدة الغير و السعي نحو الكسب الحلال, وهناك أيضاً من يسيء استخدامها في الضرب و السرقة والنهب.

ويوضح د. أشرف أن حل مشكلة تلفظ الكلمات السيئة يحتاج إلى تضافر مجموعة من الجهود, وهي أن تقوم الأسرة بتربية أبنائها على الفضيلة والألفاظ الطيبة واستنكار الألفاظ السيئة, ثم قيام المدرسة بدورها في منع الأطفال بتلفظ الكلمات الغير لائقة بجانب دور الجامعات, والحل أيضاً في الرفض المجتمعي وهو أن يقوم فرد من المجتمع باستنكار هذه الألفاظ وألا يتماشى معها, بالإضافة إلى عدم التفاعل مع هذه الألفاظ عبر مواقع التواصل الإجتماعي و تجاهلها و محاولة استنكارها.

ظاهرة تلفظ الكلمات البذيئة … مشكلة اعتيادية أم كبيرة؟
د. ريهام عبدالرحمن

في سياق متصل تقول الدكتورة ريهام عبد الرحمن, استشاري الصحة النفسية والإرشاد الأسري, إن تلفظ الكلمات النابية من أسوأ العادات التي يكتسبها الشخص لأنها تدمر علاقات الإنسان الإجتماعية, حيث يستخدم الشخص هذه الألفاظ في وقت الغضب فإنه يدٌعي أنه لا يستطيع التحكم في انفعالات الغير مبررة, وتشير إلى أن الدافع النفسي لتلفظ الشتائم بين الشباب من باب السخرية والمزاح نتيجة تربية غير سوية ووجود ظاهرة الشتائم داخل أسرته منذ الطفولة فيكون التلفظ بهذه الكلمات أمراً سهلاً, بالإضافة إلى التقليد بين الشباب والمراهقين بعضهم البعض كي يتم الظهور بصورة الشخص القوي وفق اعتقاده أن هذا الأمر هو استعراض قوة.

وتتابع د. ريهام في حديثها أن من الدوافع النفسية أيضاً لتلفظ الشتائم بعيداً عن الغضب والمزاح هو ضعف الثقة بالنفس, حيث يستخدم الشخص هذه الألفاظ دون دافع غضب أو مزاح نتيجة وجود أشخاص حوله يسخرون من الآخر, بجانب أنه يعاني من نقص في مهارات التواصل مع الآخرين وإقامة علاقات سوية والتحدث معهم بلباقة وأدب, مضيفةً أن أسباب سلوك تلفظ الألفاظ البذيئة هو إنتشار الأغاني الهابطة وبعض الأعمال الفنية التي تهدف إلى بث السموم في عقول الشباب من خلال الألفاظ السيئة وبالتالي عدم وجود قدوة صالحة التي هي من العوامل الأساسية لتجنب هذا السلوك.

وتقترح استشاري الصحة النفسية الحلول للحد من هذا السلوك وهو مراقبة الذات وعمل “لجان” لمحاصرة نفسه سلوكياً, بجانب تغيير المكان الذي وجد فيه عند الغضب كما وصانا النبي صلى الله عليه وسلم, والتدريب على مهارات التنفس العميق وممارسة الرياضة والبعد عن التدخين.

ومن ضمن أهم الحلول التي تقدمها د. ريهام عبد الرحمن هو معرفة الإنسان أنماط الشخصيات المحيطين به, حيث إن معاملة الإنسان مع شخص ما تختلف عن شخص آخر لاختلاف طبائع الناس وحالتهم النفسية, فهناك تعامل يناسب شخصاً وقد لا يناسب الآخر الذي يعاني من المشاعر الحساسة ولا يستطيع تحمل هذا التعامل, بالإضافة إلى وجوب طريقة التعبير بشكل مباشر يمتزج بين الصراحة والأدب من حيث اختيار الكلمات الجيدة واختيار التوقيت والمكان المناسب للمزاح ولا يخرج عن الإطار المألوف حتى لا يتسبب في وجود الشحناء والعداوة بين الناس, ومن آداب المزاح هو عدم الكذب وتحري الصدق في كل أقواله ولو على سبيل الملاطفة وإدخال السرور على القلب.

سعيد المسلماني

مساعد رئيس تحرير الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى