فرعون.. الطغيان حين يتحدى الرحمة

كتبت / دنيا أحمد
في أعماق مصر القديمة، جلس رجل متوّج على عرشها، لا يرى فوقه أحد. إنه فرعون، الذي قال لقومه:
“أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى” [النازعات: 24]، متكبرًا، متجبرًا، لا يعرف الرحمة ولا يخضع للحق.
لكن الله أرسل إليه من يُوقظ فطرته ويدعوه بالحكمة والموعظة الحسنة. إنه موسى عليه السلام، الذي نجا من بطش فرعون عندما كان رضيعًا، ليكبر في قصره، ثم يعود إليه نبيًا يحمل رسالة السماء.

دعوة بلطف أمام طاغية
قال الله لموسى وأخيه هارون:
“فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى” [طه: 44]
ما أرحم هذا الخطاب! حتى لفرعون، بدأ الله دعوته باللين، ليُقام عليه الحُجة.
لكن فرعون، بدل أن يخشع، سخر وقال:
“فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى؟” [طه: 49]
فأجابه موسى بثقة وإيمان:
“رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى” [طه: 50]
المعجزات تُكذَّب، والظلم يستمر
رأى فرعون عصا موسى تتحول حيّة، واليد البيضاء تخرج من جيبه كأنها نور، لكن قلبه كان أعمى.
فبدل أن يخضع للحق، جمع السحرة ليواجه معجزة السماء.

لكن حين رأى السحرة الحقيقة، سجدوا لله وقالوا:
“آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى” [طه: 70]
فهددهم فرعون وقال:
“لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ” [طه: 71]
عقاب الاستكبار
تمادى فرعون في ظلمه، وأصرّ على الكفر والعناد، حتى جاء اليوم الذي انشق فيه البحر، فنجا موسى ومن آمن معه، وغرق فرعون وجنوده.
وفي اللحظة الأخيرة، نطق فرعون:
“آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ” [يونس: 90]
لكن الله قال له:
“آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ” [يونس: 91]
فلا توبة تُقبل عند الغرق إن كانت عن خوف وليس عن إيمان حقيقي.
العبرة الباقية
قصة فرعون ليست حكاية قديمة فقط، بل هي درس خالد:
• أن الطغيان مهما علا، له نهاية.
• وأن الله يُمهل ولا يُهمل.
• وأن الدعوة بالحكمة هي الطريق حتى مع أشد الناس قسوة.
• وأن التوبة لا تُقبل إذا كانت في لحظة الغرق لا عن صدق، بل عن يأس.

تأمل .. قصة فرعون تذكرنا بأن القلب إذا امتلأ بالكِبر، أعماه عن الحق مهما كانت الأدلة واضحة. وأن الله، برحمته، يرسل الآيات تلو الآيات لعل الإنسان يرجع… فهل نرجع قبل أن يفوت الأوان؟
هل ترى اليوم من حولك “فرعنة” حديثة؟ هل مررت بتجربة فيها ظلم وطغيان وانتصرت بها بفضل الله؟
شاركنا رأيك في التعليقات، ودعنا نحيي هذه القصة بالعبرة لا بالحكاية فقط.
ولا تنس مشاركة القصة مع من تحب، لعلها تكون سببًا في إيقاظ قلب أو تثبيت إيمان.






