مقالات

كرة القدم من ملعب الموهبة إلى بورصة الأموال!

كرة القدم من ملعب الموهبة إلى بورصة الأموال!

كرة القدم من ملعب الموهبة إلى بورصة الأموال!
كرة قدم

كتب/ د. محمد كامل الباز

هل أصبحت كورة القدم لعبة اقتصادية مادية قبل أن تصبح منافسة رياضية؟ بالطبع التغير والتطور سنة من سنن الكون، ما كان بالأمس في الغالب لن يكون مثل اليوم وماهو موجود اليوم بالتأكيد سيتغير مستقبلاً، من عاش فترة التسعينيات وهي فترة تبدو قريبة زمنية ثم يأتي اليوم فى الالفينات يشعر كأنه من أهل الكهف الذين توقف بهم الزمن مئات الأعوام ليعودوا ويجدوا حياة غير الحياة ومجتمع غير المجتمع، التغير شمل معظم نواحي الحياة سواء كانت اجتماعية اقتصادية سياسية وأيضاً فنية بل أن تلك الظاهرة نالت من الأجواء الرياضية، عندما تشاهد طبيعة التنافسات الرياضية الأن وبالأخص كورة القدم تجد حياة مختلفة وبيئة مغايرة تماماً لما كانت عليه منذ عشرات السنين ذهبت مع أحد الأقارب ليختبر لابنه فى أحد الأندية تحت ١٤ سنة، ابلي الولد بلاء حسناً وبالفعل نجح فى الإختبارات حتي حدثت المفاجأة، نعم الكابتن يطلب من ولي الأمر دفع مبلغ كبير، ظننت أن هذا المدرب يريد المبلغ لنفسه واعتبرتها كارثة لكن الكارثة الأكبر أنه لم يكن يريده لنفسه !! هذا المبلغ سيدخل باستمارة رسمية لخزينة النادى تحت بند الاستثمار عشرات الآلاف بل أكثر يجب أن يدفعها ولي الأمر ليتم تسجيل ابنه في الناشئين، لم يكن هذا الحدث خاص بذلك النادي بل فوجئت أن معظم الأندية على نفس المنوال، ماذا حدث للرياضة كي تصبح سلعة استثمارية بهذه الطريقة؟ هل موهبة ومهارة اللاعب لا تظهر إلا من خلال جيب ولي أمره وحسابه فى البنك، هل الناشىء الموهوب الذي ترعرع وسط بيئة معدمة لا يحق له التقديم او التواجد داخل فرق الكرة الآن ؟ لماذا أصبحت كرة القدم سلعة بهذة الطريقة !؟ لو كانت تلك الطريقة العقيمة موجودة فى الماضي هل كنا سنشاهد الخطيب وفاروق جعفر وحسن شحاته وطاهر ابو زيد وجمال عبد الحميد!! وغيرهم مما لم يكن معهم وهو صغير أجرة المواصلات من بيته للنادي ؟ ولكنهم نجحوا وتفوقوا ليس لسبب إلا الموهبة الكروية فقط، هل كان محمد صلاح أيقونة الرياضة المصرية الأن شاب ثري أم كان ينتظر القطار لياتي للقاهرة ؟ ماذا لو كان المقاولون تعنت مع صلاح وارهق والده بآلاف الجنيهات ؟ هل كنّا من الأصل سنعرف موهبة إسمها محمد صلاح ؟ كفانا ادخال المال والواسطة فى كل شىء سئمنا من أبناء العاملين ومن المحسوبيات التي اقتحمت كل المجالات، لم نقضى على تلك الآفات حتي تظهر المادة فى اللعبة الشعبية الأولي في العالم والعلاقات فكرة القدم هى موهبة من الله تعالى يخص بها من يشاء لا تعرف غني ولا وزير، لماذا نحرم الكورة والرياضة من قطاع كبير من المواهب قد يُدفن بسبب تلك المستحدثات الغريبة، دخل رأس المال والاقتصاد فى كورة القدم من كل زاوية لذا ندرت المهارات وقلت المواهب، أصبحنا نشاهد أندية في الدوري المصرى بها ما لا يقل عن نصف الفريق ليس مصري البعض من شمال افريقيا والاخر من جنوبها، تدخل رؤوس الأموال فى اللعبة بشكل أصبح مستفز وزاد التضخم وأسعار واللاعبين بطريقة غريبة ولسنا ببعيد عن مشكلة زيزو الذي قارب سعره على الثلاثة أرباع المليار جنيه !! هل يوجد لاعب فى الدورى المصري او العربي يستحق هذا الرقم ؟ يجب الحد من رفع بورصة اللاعبين ووضع سقف مُلزم كأحد اقصي للنفقات والزام الأندية بالكشف عن مصادر تمويلها حتي لا نري لاعبين أقل ما يوصفوا بأنهم عاديين تخطت أسعارهم ميزانيات هيئات ومؤسسات حكومية، فى الوقت الذي نطالب فيه بالترشيد فى استخدام الأساسيات ليس من المعقول أن نسمح بهذا البذخ فى الكماليات والرفاهيات، فى اول التسعينات صعدنا لكاس العالم وكان عدد الفرق المتأهلة اثنين فقط من إفريقيا بمنتخب معظمه من الاهلي والزمالك وباقي الأندية دون أن نسمع ربع تلك الأسعار الجنونية، كان المدير الفني وطني والجهاز كله وطني واستطاعنا التعادل مع بطل اوروبا ( هولنده) واحراج انجلترا بأقل النفقات من يشاهد متعة الكورة قديما وهبوط المستوي حالياً يعرف أن كورة القدم لعبة ترفيهية فنية لا تخضع لقيود رأس المال والاقتصاد، ولا يجب وضع قيود على الموهوبين ومنعهم من إمتاع الناس بموهبتهم بسبب ظروفهم المادية، فعظماء العالم فى تلك اللعبة لم يكن معهم قوت يومهم، ومع ذلك حفروا اسماءهم بحرف من ذهب فى المستطيل الأخضر، لم يكن بليه أميرا أو ماردونا رجل أعمال، لم نشاهد كريستيانوا صبي مدلل أو ميس ناشىء مرفه، لوكان تلك النظام الاستثمارى المطبق الأن طُبق عندهم لحرم العالم من كل تلك المواهب وأصبحت كورة القدم بدلاً من كونها رياضة ترفيهية فنية أصبحت سلعة تجارية مادية. 

 

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى