لماذا سميت السنة الهجرية.. وسبب بدايتها من محرم ؟

كتب: الشيخ عبد الباري يوسف القاضي

بعد أيام قليلة تهل علينا سنة هجرية جديدة قد تحمل معها فرصة جديدة ليفتح العبد صفحة جديدة للتقرب إلى الله عز وجل بالتوبة والعودة، ليغتنمها كل لبيب.

والتقويم الهجري هو تقويم إسلامي “قمريّ” يعتمد على دورة القمر حول الأرض لتحديد أشهر السنة، ويتكون من 12 شهراً قمرياً ويكون (354) أو (355) يوماً، وتحدد بداية كل شهر هجري برؤية هلال الشهر الجديد سواء بالعين المجردة أو الأدوات الفلكية.

وهو تقويم يعتمد عليه المسلمون في أنحاء العالم؛ لتحديد مواعيد المناسبات الدينية الإسلامية، كالأعياد، وصوم شهر رمضان، وإخراج الزكاة، وأشهر الحج، والأشهر الحُرُم، وعدة الطلاق … إلخ.

وسمي بالتقويم الهجري نسبة لهجرة النبي – صلى الله عليه وسلم – المباركة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وكان أول من أعتمد العمل به هو الخليفة الراشد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه، وذلك بعد 17 عاماً من الهجرة.

والسنة الهجرية اثنا عشر شهراً، منها أربعة حُرُم، وقد بين القرآن الكريم عدة شهور السنة الهجرية في قوله سبحانه: “إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثنَا عَشَرَ شَهراً في كتابِ اللهِ يومَ خَلَقَ السماواتِ والأرضَ منها أربعةٌ حُرُم”. سورة التوبة: 36. والأشهر الأربعة الحُرُم هي: (رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم).

كما ورد في الصحيحين: “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب، شهر مُضر، الذي بين جمادى وشعبان”.

وشهور السنة الهجرية على الترتيب هي: (محرم، وصفر، وربيع الأول، وربيع الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة، ورجب، وشعبان، ورمضان، وشوال، وذو القعدة، وذو الحجة). وكانت القبائل العربية تطلق أسماء أخرى مختلفة على هذه الأشهر قبل اتفاقهم على توحيد هذه الأسماء الحالية عام 412 ميلادية.

وسبب بدأ السنة الهجرية بشهر محرم مع أن الهجرة النبوية كانت في شهر ربيع، لأن شهر محرم هو الشهر الذي يلي شهر الحج مباشرة، حيث يعود الناس من الحج وقد غفر الله لهم جميع ذنوبهم، ورجعوا كما ولدتهم أمهاتهم، وقد بدأوا حياةً جديدة كلها أمل وطاعة وصدق مع الله عز وجل. ولأن أول شهور العرب المحرم، فجعلوا السنة الأولى سنة الهجرة، وجعلوا أولها المحرم. ولأن ابتداء العزم على الهجرة كان فيه؛ إذ البيعة كانت في ذي الحجة وهي مقدمة لها، وأول هلال بعدها المحرم. كما كان ذلك باتفاق الصحابة.

ويتباين عدد أيام الشهر الهجري ما بين 29 و 30 يوماً، لذلك تتقدم السنة الهجرية 11 يوماً كل عام، مقارنة بالتقويم الشمسي (الميلادي)، ما يجعل المناسبات والشعائر الإسلامية تقع في أوقات مختلفة كل عام. كما تتباين رؤية الهلال بناء على الموقع الجغرافي، ما يعني أن بداية الشهر قد تقع في مكان ولا تقع في مكان آخر.

وأخيراً، نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العام عام خير وبركة وأمن وأمان وطمأنينة وسلام.