لماذا يريدون إمعان العقل فى الدين الإسلامي فقط …؟
كتب: د. محمد كامل الباز
دار حوار بينى وبين صديق مسيحي على طبيعة الصيام ومفهومه وحكمة مجيء الأعياد غالباً بعد الصيام سواء كان قصير المدة أو طويل ، كان يشاركنا الحوار أحد الأطباء فى تخصص التغذية ، أثناء الحوار كنت أتساءل عن كيفية الإمتناع عن كل أنواع اللحوم أو الأسماك لمدة تزيد عن الخمسين يوما ، كان يجيب بأن ذلك تقرب للرب وهو مفروض عندهم ، تداخل الطبيب وأوضح أن الإمتناع عن اللحوم والبيض ومنتجات الألبان طيلة هذه المدة فضلاً عن إستخدام الزيوت لمدة كهذه يضر الجسم بشدة ، جاوب صديقى بثبات أدهشني أنه مفروض من الرب وسيباركنا مهما حدث ، اندهشت وتحيرت بل اصابنى قدر كبير من الإعجاب بهذا الصديق رغم اختلافى معه شكلا وموضوعا لكنى أعجبت بتمسكه بعقيدته ودفاعه عنها حتى لو الكلام مخالف لتعاليم الطب فهو من وجهة نظره موافق لتعاليم السماء وهو أهم وأبقى عنده ، تساءلت لماذا لا أجد كتّاب متفتحين أو علماء تنويريين عند باقى الأديان ، هل هؤلاء التنويريين حكرا على الدين الإسلامي فقط ، لماذا دائما نجد كل الملل الأخرى على قلب رجل واحد ولا يخرج من بينهم من يشق الصف مثلما يحدث عندنا ، هل سمعت مرة عن كاتب قبطى خرج ليقول أن تعاليم المسيح لم تعد تصلح لتناسب عصرنا هذا ، هل رأيت أحد يخرج ويوضح أضرار الصيام وأن إستخدام الزيت فى الأكل لأكثر من خمسين يوما من شأنه يضر بالصحة ؟ والله لو حدث لطرد من الكنيسة فضلاً عن رفض عام من المجتمع المسيحى له حيث أنه كلام يتنافى مع معتقدهم ، لماذا لم نجد أى مسئول يهودى يخرج علينا لينتقد لبس الحاخامات أو شكل لحاهم ، هل وجدنا كتاب أو مسئولين أو حتى برامج إعلامية تتكلم عن رجال الدين اليهودى ؟ هل شاهدت النخبة اليهودية المثقفة تنتقد الواح موسى وتزعم أن تعاليمها لا تواكب التطور الرهيب فى العصر الآن ، تجد عندهم مترفين ،علمانيين ولكنهم يجلون رجال دينهم ولا يجرؤ أحدهم عن الإقتراب منهم ، بل سأذهب بك لأبعد من هذا ، كلنا نعرف مايحتويه المجتمع الهندى من ثقافات وعقائد مختلفة ، هل رأينا على التلفاز يوماً اعلامى هندى من الهندوس يخرج لينتقد عبادة الأبقار ، لماذا لم نجد كاتب هندوسى يخرج ليثبت لنا ثقافته ورجاحة عقله فيتنصل من تعاليم دينه التى تقدس الأبقار وتجلها أشد الاجلال ، هل طالبت الدولة بالسماح بذبح الأبقار وتجريم من يعترض على هذا أم العكس مايحدث …. الأمثلة تحوى الكثير …
فى كل تلك الأمثلة تجد شعب متمسك بعقيدته ، يؤمن بها حتى لو كان به بعض أو كثير من العلمانيين أو غير المتدينين لكن تأتى نقطة مشتركة يجتمع عندها الكل.. شعب ومسئولين ، حكام ومحكومين ، مسرفين ومتدينين هى احترام وتقديس الدين وعدم المساس بثوابت وأوامر هذا الدين ، ستجد هذا الإجتماع والاجلال عند كل الأديان وكل الملل إلا عندنا ، يُولد فى أمتنا يومياً الكثير من المتنورين ،المجددين الذين عقمت الأمم الأخرى أن تلد مثلهم ، يأتى هذا الكاتب ليؤكد أن الصيام لا يفيد الجسم وأنه مجرد أمر سيادى ، تجد تلك الفنانة تعترض على منظر الذبح فى عيد الأضحى وترى أنه مشهد دموى ، يخرج علينا أخر ليؤكد لنا أحاديث النبى بها الكثير المخالف للعقل والتطور ، بل ويسخر أحدهم من بعض الأحاديث ويقول أنه كيف لذبابة أن تحتوى على شفاء من خلال غمسها فى كوب ، هذا يُدعى كاتب متحرر ومتعقل يعترض على نصيب ميراث الانثى فى الشرع وذاك يؤكد أن مشكلة الإسلام فى جمود النص وعدم التحرر منه وإحكام العقل..!! يريد تحكيم العقل والمنطق…..!! ترك عبادة الأبقار والفئران ، ترك تلطيم الشيعة لوجوهم وإخراج الدم من أجسادهم ولم يجرؤ على إسقاط العلم والعقل على كل هذا وتفرغ لرأى العلم والعقل فى ثوابت شرعنا ، عندما شاهدت صديقى هذا عرفت أن المشكلة ليست فى المتنورين والكتّاب ، ليست فى النخب والعلماء فقط .. بل أيضاً فى الكثير من العوام الذى سلم عقله لهؤلاء المتنورين بحجة أنهم مثقفون وهم فى الحقيقة لايعرفون شىء ،فهذا الصديق ليس متخصص أو عالم ليس طبيب أو باحث ولكنه بمجرد سماع صوت يخالف تعاليم دينه وثوابت عقيدته رفضه تماما حتى لو كان هذا الصوت من طبيب متخصص .