ماذا لو تم سن قانون يجبر الكشف النفسي قبل الزواج ؟
تحقيق : أحمد الدخاخني
في السنوات الأخيرة حتى عامنا الحالي شهدت مصر حالات إنخفاض في معدلات الزواج, بينما ترتفع حالات الطلاق بين المصريين, وفق ما يكشفه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء, بجانب الأخبار التي تتوالى عبر المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي عن حوادث القتل بين الأزواج, وحالات الانتحار بين الشباب المتزوجين منهم وغير متزوجين, كانت قد قدمت الدكتورة دينا هلالي, عضو مجلس الشيوخ, مشروع قانون يجبر الكشف النفسي على المقبلين على الزواج للكشف عن الأمراض النفسية التي يعاني منها بعض الأفراد وتعريف الطرف الآخر بحالته النفسية للشخص الذي سيرتبط به, كما نادت بعض الأصوات التي تطالب بإجراء كشف نفسي إجبارياً لكل من يقرر أن يتزوج, وذلك حفاظاً على قوة العلاقة الزوجية ومستقبل الأجيال القادمة, والحد من معدلات الطلاق التي تحدث كل دقيقتين على مستوى مصر, وغيرها من الأسباب, ولذا تواصلت ” عالم النجوم ” مع بعض الناس لإبداء آرائهم عن هذا الإقتراح, كما حاورت بعض المختصين للتشاور في إطار هذا الموضوع .
في البداية يعلق محمد المصري, البالغ من العمر 26 عاماً قائلاً :” موافق لأن حاجة زي كده ممكن تظهر مرض نفسي عن أحد الزوجين وممكن الإتنين ويبدأ العلاج قبل الزواج, وده يفيد مثلا علاج الحالات النفسية اللي أغلب الشعب المصري عنده مشاكل نفسية بس مش عارف بسبب سوء المعيشة وإرتفاع كل حاجة تخص الزواج, وهيقلل عدد حالات الطلاق وإستقرار الأسرة المصرية من حيث عدم وجود مشاكل نفسية وده يساهم بدوره في استقرار الأسرة, وزيادة إنتاج الأسرة لأن الإستقرار النفسي عامل مهم جدا لزيادة الانتاج, بجانب إنخفاض حاد في نسب الجريمة نتيجة الكشف المبكر علي الحالات والمشاكل النفسية وعلاجها قبل الزواج وطبعا عندنا حالات القتل بين الزوجين مرتفعة جداً مهما كانت الأسباب فالأساس مشاكل نفسية من الدرجة الأولى” .
أما الدكتورة سارة فوزي, مدرس بكلية الإعلام جامعة القاهرة فتقول”: أوافق على هذا الإقتراح, وليس فقط الكشف النفسي قبل الزواج, وإنما أيضاً هناك لابد من المتابعة واستشارات زوجية في أول عام من الزواج في حال زواجهما وهما في سن صغير ويكون هناك من فترة إلى أخرى مستشار الزواج للزوجين مثلما يحدث في الولايات المتحدة لحل المشاكل بينهما “.
وفي سياق متصل قالت ميادة عابدين, كاتبة ساخرة ولها عدة مؤلفات, في إصدارها الأخير لكتاب ” بنت المتحرش ” قد ناقشت فيه عن هذا الموضوع في النص التالي :” أول ما تلاقي نفسك هفاك وعاوز تجوز إبنك, لازم تاخده بسرعة على أقرب مستشفى نفسي وتطلب منهم يعملوا له فحص كامل شامل على دماغه وعلى كل المناطق اللي ممكن بسببها تحصل كوارث, ويكتبوا لك إقرار يؤكد صلاحية اسم النبي حارسه ابنك للزواج أصله مش بالعافية يعني ! ما هو مش الطبيعي إن أي شخص معتوه وماعندوش أخلاق يصلح رب أسرة, ولحد ما نوصل لنتيجة نهائية ونعرف السبب الحقيقي للتحرش, هل هو مرض ولا قلة تربية؟ “.
في هذا الصدد قالت الدكتورة ريهام عبد الرحمن, استشاري الصحة النفسية, إن مبادرة الكشف النفسي للمقبلين على الزواج من الشباب في غاية الأهمية بسبب المشكلات التي انتشرت بين الزوجين كالانفصال وجرائم القتل والانتحار داخل الأسرة نتيجة الخلل النفسي بينهما, بجانب العنف الأسري مثل العنف الجسدي واللفظي والمادي وأصعب الأنواع هي العنف النفسي والتي للأسف لا يتم اكتشاف هذا الأمراض الموجودة نتيجة الوراثة مثل القلق والاكتئاب والهوس والهيستريا وغيرها, وهذه الأمراض لا تظهر في بداية الزواج ولكن تظهر بعد الزواج خلال مشكلة معينة الشخصية العدوانية التي تتجه للضرب والتنكيل بالضحية.
وتؤكد د. ريهام على ضرورة الكشف النفسي قبل الزواج بهدف إستقرار الحياة الزوجية, وليس فقط الكشف وأيضاً تثقيف الشباب من الناحية النفسية تجاه الشخص الذي يتم الارتباط به بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية والجامعات, ومن خلال مبادرات تقدمها وزارة الشباب والرياضة ومحاضرات لتوعية الشباب كيفية حسن إختيار شريك الحياة وهذا مبني على ثقافة الإنسان لمعرفة قيمه وإتجاهاته وأحلامه وبناءً عليها يختار شريكه, وما هي الصفات الإيجابية التي يريدها في شريكه وأيضاً الصفات السلبية التي من الممكن التكيف معها, مضيفةً أن على الآباء والأمهات أن يكون لهم الوعي في ذلك, حيث إن الكشف النفسي المبكر يبحث عن وجود أمراض قد تنتقل بالوراثة عبر الأجيال وهذا يهدد كيان الإستقرار الأسري, بينما الكشف يعطي طمأنينة للطرف الآخر ويرى هل يستطيع أن يكمل مع هذه الشخصية أم لا, والحياة الزوجية لا تسير على وتيرة واحدة ولكن هناك مشكلات ستعترض الشباب, لذا لابد من دورات تأهيلية للمقبلين على الزواج من باب أن أن نحيا حياة زوجية سعيدة قائمة على الوعي بأهميتها وأنها ميثاق غليظ قائم على الحب والاحترام والتقدير بين الطرفين وقائم على التكامل وليس التشابه, حيث ليس من المهم أن الطرف يشبه الآخر وأما إختيار من يكمل ما لديه من نقص.
من جانبه قال الشيخ أشرف عبد الجواد, من علماء وزارة الأوقاف, إن لأهمية هذه العلاقة القوية القائمة على السكن والمودة والرحمة بين الزوجين وهذا الميثاق الذي سماه الله عز وجل في القرآن الكريم بالميثاق الغليظ, فالشرع يتسم تماماً مع الناحية الطبية لا فرق بينهما, حيث إن كل ما يخدم العلاقات الإنسانية والإجتماعية بين البشر فلا مانع في إجراء الفحوصات الطبية سواء المتعلقة بالأمراض الظاهرة أو الباطنة, ولا مانع من الناحية الشرعية في الكشف النفسي للحد من ظاهرة إنتشار ظاهرة الطلاق التي باتت كارثية ومدمرة لمعظم الأسر المصرية بهذا الحد الكثيف.
ويتابع الشيخ أشرف أنه يشجع الكشف النفسي قبل الزواج ويطالب جميع مؤسسات الدولة بإتخاذ الإجراءات الوقائية, حيث إن معظم المشكلات في البيوت قائمة على اختلاف الطبع والتربية والندية والعند بين الزوجين وعدم تحمل كل منهما مسئولياته, ولو درسنا القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكيف يتعامل النبي مع زوجاته ومعاملتهن معه وكذلك الصحابة والصحابيات الكرام, ما وجدنا أثراً لإنتشار الظواهر السلبية في المجتمع.
ويضيف أنه هناك أسباب نفسية كارثية مثل الانفصام في الشخصية أو الإنسان الذي تعرض لبعض التربية السلبية مثل التعنيف والضرب المبرح والإيذاء النفسي أو حتى الإيذاء الجنسي ممن تعرضن من الفتيات أو بعض الشباب مما حدث لهم بعض التشوهات النفسية, والشرع يريد للأسرة المسلمة الإستقرار, فحبذا لو نفُذ هذا الأمر.