ماذا لو كانت غزة جنوبا عشرات الكيلومترات ؟
كتب/ د. محمد كامل الباز
جلست أتابع مايحدث فى فلسطين الحبيبة طيلة الأسبوع الماضى بقلب يعتصر من الألم، تجمد الدم فى عروقى وانهارت قواى، تزاحمت الدموع فى عيني وأنا أشعر بالضعف وقلة الحيلة، طالما سمعت دعاء المصطفى الذي يستعيذ فيه من الضعف والجبن ولكن لأول مره أفهم كلمة ضعف وأعتقد لم افهمها وأشعر بها وحدي بل عايشها ملايين العرب والمسلمين طيلة الأيام الماضية، إسرائيل اظهرت لنا الكثير من خلال تلك العدوان الغاشم على أهلنا فى غزة، مع الصواريخ والطائرات اظهرت أيضا الضعف والانهزام عند الكثير، من الواضح أن اليهود لم يلقوا البراميل المتفجرة فقط على أهل غزة بل القوها على كثير من بنى جلدتنا فخرجت السنتهم تصب نار حقدها بل وجبنها، تفاجئت بالبعض يطلب بغلق معبر رفح وهو المتنفس الوحيد لأهلنا فى غزة من نيران اليهود، يؤكد ان تلك نية لاحتلال غزة ولا يجب أن نعط لهم الفرصة وآخر يؤكد أن هذا شان داخلي ويجب عدم الزج بمصر فى تلك الحرب!! وأهلنا فى غزة ؟ فليدبروا أمورهم ولهم الله!! لم يضره مشهد إخوانه القتلي ولا الجرحي، لم يعر إهتمام للبيوت التى دُمرت أو الأراضي التى خُربت ولكن كل همه هو أمنه الشخصي واستقرار حياته، يطلب بغلق المنفذ الوحيد لاخوانه كي لا تتعرض مصر لأى مشاكل، عندما رأيت هذا الفكر سالت نفسي سؤال ماذا لو كانت غزة تقع جنوبا كيلومترات تحت سيادة مصر، بالطبع كان سيتغير موقف هذا المتخاذل ويؤكد انهم أبناء وطنه وإخوانه ويجب الدفاع عنهم!! من الذى أدخل فى عقله أن المسافات تحدد الاخوه والحب بل القرب والبعد، إن معاني الاخوه ذُبحت اشد الذبحة الان وتعرضت لاغتيال أكبر مما تعرضت له فلسطين على أيدى الصهاينة، تفتح الامارات قواعدها للطائرات الامريكة القادمة من أقصي الغرب كى تدعم إسرائيل على حساب من ؟ إخوانها فى فلسطين !! استخدم أراضيها ومطارتها لإعطاء الدعم والوقود لأمريكا التى تساعد إسرائيل فى ضرب إخوانها، كيف سينشا الجيل القادم وهو يري كل هذا، على ماذا سيُربي وماذا سيكون هدفه فى الحياه. النخبة بطبيعتها لم تسكت واظهرت شراسة لم نراها من قبل فهناك من المفكرين الذي جعل من الحرية عقيدة له يدافع عنها قبل كل شيء، انتظرت بالفعل ردهم عن تلك المجازر فى غزة وجدته خرج ليدافع عن اليهودى الذى قتل فى الإسكندرية ويؤكد على حقوق السائح ووجوب حمايته، انتظرت التكملة وتوقعته استطرادا ليدخل به على مجازر إخوانه فى غزه !! لم نسمع شيء أخر انتهى هنا كلامه !! انخرس لسانه على قتل الابرياء والأطفال وكل ما شعر به هو ذلك الحادث الفردى فى الاسكندرية، عميت عينه وقلبه عن رؤية الطفل الذي ينادي على أخيه الذى قُتل بدم بارد ورأي فقط أن حماس هى من بدأت بالحرب … مذيع فى الخليج يعتصر قلبه على مشهد هجوم القسام على المستوطنات وكاد يفقد وعيه من المنظر ولكنه عاد يمارس حياته بعد رد إسرائيل ومجازرها ولم ينطق حرفا واحدا؛ متى جاءت لنا تلك الشخصيات ومن رباهم، ما مصير من سيخرج على يد هؤلاء المنبطحين الجبناء وما نتيجة نشر فكرهم، هل هؤلاء يمثلون الإعلام أو الفكر العربى!! ومن أدخل على كل أبناء الوطن العربي أن الحدود الجغرافية فاصل يمنع الاخوه والمحبة، بالتالي من الواجب علينا أن نطالب علماء الجغرافيا بوضع تعديل لخريطة فلسطين وإزاحة غزة جنوباً كيلو مترات حتى يتعاطف معها كثير من المصريين !! لن ننتظر مستقبل مشرق واقتصاد امن ونحن بعيدون كل البعد عن أوامر الله ورسوله
(روي عن النعمان بن بشير-رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمي)
لم يقسم الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين لمشرق ومغرب لم يضع شرط للأخوة مكانيا أو زمانيا، قوميا او عرقيا بل وضع بطاقة مشتركة لكل الأعضاء وهى الإيمان.، لكن إذا وجدت هذه البطاقة أصبح كل المؤمنين دولة واحدة ؟ حى واحد؟ بيت واحد ؟ لا والله فقد كان المصطفى أدق وأعمق وقال جسد واحد، جسد لا ينفصل فيه القلب عن العقل ولا تمييز بين الرأس والقدم، كيان واحد إذا شعر به أى عضو بمشكلة، اعتداء، ألم، وجب على كل الاعضاء مشاركته فى ذلك الشعور فهل نعتبر إخواننا فى فلسطين عضو فى جسد الأمة…والله هى من أهم الأعضاء التى بها أولي القبلتين وثالث الحرمين والتى يتألم الكثير منا لما يحدث فيها و نأمل من الله أن يتم شفاءها على خير وأن يغفر لنا تقصيرنا نحوها وأقول لمن يخرج الأمر عن دائرة اهتمامه وآثر استقراره وسلامه، إن وجود أهل غزة فى قوة وسلام هو أول وأهم خط دفاع لمصر ضد أبناء العم سام.
د/ محمد كامل الباز
