مراياه مكسورة

بقلم: نرمين بهنسي
كانت دومًا تحاول أن تفهمه ليس لأنه غامض بالقدر الذي يدّعي، بل لأنها كلما اقتربت منه خطوة، ابتعد عنها بخطوتين. تبتسم حين يعبس، وتُطري حين يهاجم، وتبرر له العالم بأسره كي لا يُجبرها على رؤية حقيقتها المُتعبة.
لم يكن يومًا واضحًا. كلماته تُقال وكأنها أحجيات، ووعوده تنتهي قبل أن تبدأ، بينما يطلب منها أن تكون مثالية على الدوام. يخبرها أن الحب تضحية، ثم يُطالبها بالتنازل كل مرة، ويُقنعها أن الخطأ خطؤها، حتى حين ينكسر كأس على الطاولة.
كانت تشعر بأنها تتحول إلى ظل، بينما يتضخم هو أمامها. يتحدث عن نفسه كما لو كان معجزة نزلت من السماء، ويقيس الحب بمدى التصفيق له، لا بدفء القلب أو نقاء النية. وإن خفت التصفيق، أدار ظهره متأففًا، كأن الحُب عبء لا يستحق عناء الانتظار.
في ليالٍ كثيرة، كانت تراجع نفسها: “هل أنا السبب؟ هل لم أُحب كفاية؟ هل الحب يُقاس بالحذر والخوف والانكماش؟”
لكنها كانت تعرف في أعماقها أن الحُب لا يُربك، لا يُذيب الثقة بالنفس، ولا يطلب شهادة حسن سلوك في كل حوار.
هو لا يصرخ، لا يضرب، لا يُهان. فقط يُطفئ النور ببطء، حتى تصبح غرفتها مظلمة، ويقنعها أن العتمة من اختراعها.
وفي غموض العلاقة، فهمت أنها وحيدة، لكنها ليست ضائعة. وأنها ليست بحاجة إلى تفسير ما لا يُفَسّر، بل إلى قرار يُعيد لها صوتها.






