من الشعوب العربية للملكة الراحلة « عند الله تجتمع الخصوم »
كتب / د. محمد كامل الباز
حزن يخيم على الدول العربية، أعلام تُنكس وحداد يُفرض، ماسورة من التعازي والأحزان بل قد وصل الأمر أن تم تأجيل أحدث الاغانى لأحد الفنانين بحجة الحداد، من ياترى مات، هل هو كاتب كبير أثر فى الأمة والعالم، أم يا تُرى عالم فذ افتقدته البشرية، هل كل تلك التعزيات من أجل شيخ كبير ستصاب الحركة العلمية بغيابه، أم هو زعيم شجاع طالما دافع عن حقوق أمتنا العربية، للأسف فوجئت أن كل هذا من أجل وفاة الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا والتى فارقت الحياة عن عمر يناهز السادسة والتسعون، لم نجد كل هذا فى وفاة العلماء أو الزعماء أو الخطباء.
لم نشعر بكل تلك المبالغات عن فقدان أهم عناصر أمتنا لنجدة فى تلك السيدة، ولكن وجدنا أيضًا فى أوراق التأبين سجلات الشرف والاعتزاز، تذكره بأهم إنجازات مملكة بريطانيا العظمى التى كانت اليزابيث الثانية آخر ملكة لها، وجدنا تفاخر امتداد الإمبراطورية التى لا تغيب الشمس عنها، انتصارات وسحق للدول ومن بينها دولنا العربية، وجدنا معركة التل الكبير وسيدى برانى والتى دفع المصريون ثمنها من دمائهم الطاهرة.
لم يكن يعرف هؤلاء المصريون أنه سيأتى بعد أكثر من قرن من الزمان من يؤجل ويعلن الحداد من أجل ملكة تلك البلاد، لم يتوقع الآباء والأجداد ما فعله الأحفاد، لماذا كل هذا التغيير وهل المتغيرات الزمانية كافية لتحويل جيل من المناضلين المقاومين لآخر من المتخاذلين المنبطحين ..؟ بريطانيا وسجلها الدامى خلال القرن الماضى والذى لم يقف عند الأمة العربية فقط بل وصل إلى مجاهل أفريقيا وختمت هذا بإعطاء الشعب الفلسطينى على طبق من ذهب لإسرائيل، بريطانيا التى ساهمت فى قتل الأطفال الفلسطينيين وأعلنت وزير خارجيتها بكل وقاحة الوعد المشؤوم لليهود عام ١٩١٧، بريطانيا التى طالما اعتدت وتجبرت فى كثير من البلدان العربية وغير العربية على حد سواء، تلك البلاد وهذه الملكة لا تحتاج إلى التعزيات والمواساة بل تحتاج لكلمة واحدة يجب أن تعرفها جيدًا …عند الله تجتمع الخصوم …