عاجلمقالات

عالم ما بعد كورونا.. بقلم إعلامي ومستشار رقمي حر: فادي غالي

عالم ما بعد كورونا.. بقلم إعلامي ومستشار رقمي حر: فادي غالي

عالم ما بعد كورونا.. بقلم إعلامي ومستشار رقمي حر: فادي غالي
الإعلامي فادي غالي

 

جاءت كورونا لتزعزع العالم الذي كنا نعرفه وتجبرنا على تغيير أنماط حياتنا بغض النظر عن كون البشرية أصبحت حبيسة المنازل. وما استتبعه من سوء الحالة النفسية لأغلب البشر.

الحياة تجد سبيلاً.. التباعد الاجتماعي والجلوس الإجباري بالمنازل أجبر البشر بشكل عام على استخدام الإنترنت. والعالم الرقمي كمتنفس وسبيل لقضاء أعماله بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ البشري منذ ال23 عام السابقة. والتي هي عمر الشبكة العنكبوتية بعدما تم تفعيل استخدامها عمليا بشكل عام للبشرية عند اختراع صفحات الويب www عام 1993.بعد ان كانت حكرا علي مراكز الأبحاث والجامعات ووزارة الدفاع الامريكية في بدايتها. 

و بينما تتوقع اشهر مراكز الأبحاث العالمية مثل ماكينزي ان تستمر الأنماط الجديدة للاستهلاك الرقمي للشبكة بكل أشكاله. بعد كورونا بناء علي أبحاث المجتمع واستطلاعات الرأي التي أجرتها في التسعة أشهر الأخيرة فيما يطلق عليه الوضع الطبيعي الجديد (The new normal). ما بعد كورونا – خاصة اذا. وضعنا في الإعتبار أننا في مطلع عصر تكنولوجي جديد سوف يعتمد علي تقنيات كانت تعتبر من قبيل الخيال العلمي. حتي فترات قريبة مثل الهولوجرام (الليزر المجسم رباعي الابعاد)، والواقع الافتراضي. والمعزز والمختلط، حيث جاءت كورونا لتعجل ببدء طرح هذه التكنولوجيات بشكل تجاري موسع.

عالم ما بعد كورونا.. بقلم إعلامي ومستشار رقمي حر: فادي غالي
ارشيفية

 

في منطقتنا العربية التي مازالت تعتمد العالم التقليدي الأنالوج (Analog) بشكل كبير بما فيه من إعلانات التليفزيون ولافتات الشوارع. اجبرت كبريات الشركات الرقمية في العالم مثل سبوتيفاي Spotify و نتفليكس Netflix – عند عملها في السوق المصري مثلاً – لعمل إعلانات بهذا الشكل علي كوبري أكتوبر! 

أما بخلاف منطقتنا، فإن العالم كله أصبح يعتمد بشكل رئيسي. ومطرد ومنذ سنين طويلة علي العالم الرقمي حيث اصبح التسويق. والاعلانات يعتمدان بالأساس علي العالم الرقمي لما له من مميزات عظيمة واقتصادية خطيرة سوف نذكرها في مقالات أخري لاحقة.

وطبقا لماكينزي ونيلسون، فإن أكبر تحدي لأي بيزنس قي العالم فيما هو قادم هو تحسين وتعزيز تواجده الرقمي. وتطبيق أحدث صيحات اّليات التسويق الرقمي حتى يستطيع ان يبقي ولا ينقرض. وحتى بدون علم العديد من أصحاب الاعمال بمنطقتنا بهذه الأبحاث. فقد بدأوا في السير في هذا الاتجاه بحثاً عن شيء من تمالك التوازن بعد خسائر واستنزاف للموارد على مدي الشهور السابقة. وهو ما جعلهم يواجهون مشكلة لم تكن واضحة فيما سبق للجميع. وهي عدم وجود عمالة ماهرة كافية في المجال الرقمي. حيث يتطلب الكثير من العلم والممارسة بالإضافة لمتابعة كل ما هو جديد فيه حيث تظهر يوميا برامج سوفتوير جديدة. او تعلو على السطح برامج اخري يجري تحديثها بشكل دوري. 

باختصار سرعة تطور العالم الرقمي أسرع من سرعة عالمنا العربي في التكيف معه. وهنا بدأت تظهر أزمة العمالة الماهرة القادرة على التكيف بشكل ديناميكي مع هذه الأوضاع شديدة السرعة في التطور.

وإذا تحدثنا عن سرعة العالم في التكيف فسوف نجد مثالاُ قريباً شديد الأهمية عندما قامت شركة وارنر الامريكية. وهي احد اقطاب صناعة السينما في العالم. وقد اتخذت قراراً تاريخياً وفاصلاً في نهاية العام الماضي بطرح افلامها ال17 الكبرى – بما فيهم Wonder Woman. و Matrix 4 المخزنة في العلب – في أي دار للسينما علي مستوي العالم بالتزامن مع عرضها علي منصتها الرقمية HBO Max علي مدار عام 21 وابتداءً من منتصف ديسمبر الأخير.

هذه الأفلام كان مجرد التفكير في عرضها رقمياً يعتبر ضرب من الجنون بل ومن المستحيلات في بداية العام الماضي. لكن تغير أنماط الاستهلاك البشري والطفرة الشديدة التي شهدتها منصات الفيديو الرقمية في فترة كورونا بعد الطفرة الأساسية لنتفليكس التي غيرت مفهوم العالم والكيانات الكبرى عنها في الثلاث سنوات الأخيرة عندما تخطي أعداد مشتركيها عدد المشتركين في نظام الكابل في أمريكا.

هذا هو ما جعل الكيان الأكبر للسينما عالمياً يتخاذ هذا القرار المصيري بسرعة تعتبر كبيرة نسبياً لأي قرار مثيل. وذلك حتي تلحق بتطور البشرية الشديد التسارع حتي. وان كان فيه غحتمال خسارة مادية كبيرة واردة، لكن لتضمن لمنصتها مكاناً وسط حرب المنصات العالمية الدائرة حاليا. 

ولم تكن وارنر على خطأ حيث حقق فيلم Wonder Woman حوالي 86 مليون دولار في أسبوعين فقط حتى بداية عام 21. فيما تخطي أقصى توقعات محلليها باعتراف الشركة في بيانها الصحفي.

 و كما ذكرت هذا المثال الهام للتدليل على السرعة المطلوبة للتكيف مع السرعة العجيبة التي أصبحنا نعيشها في هذا العصر. وبالتالي إذا كنا على مشارف عصر من التكنولوجيات الجديدة التي تعتمد هي الأخرى على العالم الرقمي كقاعدة انطلاق، فإنه يجب على دولنا أن تنتبه لذلك لتلحق بالعصر الجديد.

البعض سوف يقول أن الدولة المصرية والدول العربية لا تألو جهدا في مبادراتها لتعزيز الإتجاه الرقمي عن طريق المنح التي توفرها للشباب ليتعلم اكبر قدر منهم علوم هذا العالم. بل وتصرف الكثير من الأموال لتحقق ذلك.

لكن المؤشرات تشير إلي أن ذلك أصبح غير كافٍ حيث أن ما يتم تطويره في عام واحد عالمياً من التكنولوجيا أصبح يوازي ما كان يتم تطويره في عشرات السنين في العصور السابقة. حيث أصبحت معالجات الأجهزة. ورقائق ذاكرتها تتقلص بعدد من النانومترات سنويا محدثة تطور كبير في سرعة وسعة تخزين هذه الأجهزة سواء من هواتف ذكية او تابلت او حتي لابتوب.

وهو ما يعكس تطور مطرد سريع في أدائها وقدرتها علي معالجة البيانات العملاقة Big Data و الذكاء الصناعي AI وبالتالي الإحتياج المتزايد لأعداد اكبر من المبرمجين. والمطورين. والعلماء والمسوقين رقميين، فقط لمجرد التماهي مع الأنظمة العالمية المربوطة بالشبكة العنكبوتية حتي لا تصبح متأخرة عن التعامل مع المستخدمين في بلادنا. لأن العالم اصبح قرية صغيرة حرفياً!

إذا كنا نريد اللحاق بالعالم الجديد فيما بعد كورونا فعلينا اتخاذ قرارات سريعة مكافئة لسرعة التطور، فلم يعد يكفي تطوير التعليم القائم لنظام التابلت وبنك المعرفة. وتطوير نظام الثانوية العامة. وهنا أنا لا اقلل من حجم الإنجاز التاريخي في مصر ولا أقلل أيضا من مستوي التعليم في بقية بلادنا العربية، لكن هنا أقرع ناقوس الخطر أن سرعتنا في التطور والتكيف أصبحت غير مكافئة للسرعة الجديدة التي انتقل إليها العالم خلال ما يقارب من 9 أشهر فقط من عمر أزمة كورونا!

وهنا أقترح أن نبدأ التفكير في تدريس اللغة الإنجليزية بمستوي متطور علي التوازي مع مبادئ العالم الرقمي كمواد أساسية في مدراسنا منذ الحضانة. لتتطور مناهجنا عبر مختلف المراحل ليتعلم الجميع ما هي الإنترنت وتاريخها وأساسيات تكنولوجيا المعلومات. و مفاهيم العالم الرقمي من البيانات العملاقة. والذكاء الإصطناعي والحوسبة السحابية حتي يصبح لدينا قاعدة من الطلبة المتعلمين المتخرجين من التعليم الأساسي بما يكافئ إحتياجات هذا العصر. وليتأهل أنبغهم وأكثرهم حباً لهذا العلم للتعمق فيه لنحصل علي قاعدتنا العلمية الحقيقية من الكفاءات التي ستقود مسيرة مجتمعاتنا في المستقبل. أما الباقين فسوف يصبحون علي إدراك تام لكيفية إدارة حياتهم وممارسة أعمالهم المستقبلية علي إختلافها باستخدام هذه التكنولوجيات. بل وأيضاً التكيف مع كل جديد بسهولة لنصل لمجتمع قوي تكنولوجياً يستطيع حينها التعامل مع الوضع الطبيعي الجديد في العالم ما بعد كورونا. والأهم أن تصبح مجتمعاتنا علي نفس سرعة التطور التكنولوجي للبشرية!

فادي غالي اعلامي ومستشار رقمي حر

فادي غالي إعلامي مصري في الهيئة الوطنية للإعلام ومكرم من الخارجية الامريكية على مجمل أعماله. وخبير تكنولوجيا معلومات وتسويق رقمي معتمد من العديد ومن الجهات الدولية مثل Facebook, Google, IBM, HubSpot, Illinois Unv., Northwestern Unv., Wharton School of Business – Penn Unv.

Fadighali.com|Facebook.com/fghali007

XMA Header Image

Fadi Ghali Home | TV Journalist, Certified marketer and professional Actor

fadighali.com

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى