13 مايو 1965: قطع العلاقات بين الدول العربية وألمانيا الغربية احتجاجًا على تقاربها مع إسرائيل

كتبت / دنيا أحمد
في مثل هذا اليوم، 13 مايو عام 1965، أعلنت جمهورية مصر العربية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع ألمانيا الغربية، وذلك تنفيذًا لقرار مجلس جامعة الدول العربية، بعد إعلان ألمانيا الغربية إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل. وجاء القرار مباشرة بعد اتصال من وزير الخارجية المصري محمود رياض بالرئيس جمال عبد الناصر، الذي أمر بتفعيل قرار المقاطعة في اليوم ذاته.
وفقًا لما جاء في مذكرات محمود رياض، وزير الخارجية الأسبق، تحت عنوان “الأمن القومي العربي بين الإنجاز والفشل”، فإن القرار المصري تبعته موجة من التضامن العربي، حيث أعلنت ثمان دول عربية، من بينها السعودية، سوريا، العراق، الأردن، الجزائر، اليمن، والكويت، قطع علاقاتها مع بون، فيما اكتفت تونس بالاحتجاج.

تعود جذور الأزمة إلى صفقة أسلحة ومساعدات اقتصادية قدمتها ألمانيا الغربية سرًا لإسرائيل. وفي 7 فبراير 1965، أعلنت مصر أن هذه الصفقة تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن العربي، وتلوح بإعادة النظر في علاقاتها مع ألمانيا الغربية. وفي اليوم التالي، عقد رياض اجتماعًا بمندوبي الدول العربية لدى الجامعة العربية، شرح فيه تفاصيل الصفقة وخطورتها، مطالبًا بموقف عربي موحد، وهو ما حظي بتأييد واسع.
خلال المفاوضات، زعم السفير الألماني في القاهرة أن بلاده تخضع لضغوط أمريكية ولا تملك حرية القرار، وهو ما رفضه رياض بشدة، مؤكدًا أن مرور عشرين عامًا على نهاية الحرب العالمية الثانية لا يبرر استمرار هذا التبعية.
وفي محاولة للرد على التقارب الألماني الإسرائيلي، دعا عبد الناصر رئيس ألمانيا الشرقية، فيلهلم أولبرخت، لزيارة القاهرة، في خطوة رمزية تهدف للضغط على ألمانيا الغربية التي كانت تعتبر أي اعتراف بألمانيا الشرقية مبررًا لقطع العلاقات.
لم يقتصر الموقف على مصر، إذ عبرت الدول العربية عن دعمها الواسع، حيث أصدرت السودان، اليمن، سوريا، وتونس بيانات تضامن، وقررت الأردن مقاطعة المنتجات الألمانية، كما دعا مجلس الأمة الكويتي إلى تحويل استثمارات الكويت إلى مصر.
ورغم إعلان ألمانيا الغربية عن إيقاف التعاون الاقتصادي مع مصر عقب زيارة رئيس ألمانيا الشرقية، فإنها لم تجرؤ على قطع العلاقات بالكامل، متأثرةً بزخم الموقف العربي الموحد، لتتراجع لاحقًا عن تصدير السلاح إلى إسرائيل.
وفي مارس 1965، عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعًا في الجامعة العربية، حيث قدم رياض تقريرًا شاملاً عن دعم ألمانيا الغربية لإسرائيل ماليًا وعسكريًا، وأوضح أن المساعدات التي قُدمت لإسرائيل أنقذتها من الانهيار الاقتصادي. وأسفر الاجتماع عن قرار بسحب السفراء العرب من ألمانيا الغربية، وقطع العلاقات معها إذا مضت في إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل، وهو القرار الذي تحفظت عليه فقط ثلاث دول: المغرب، تونس، وليبيا.
كان هذا الحدث مفصليًا في رسم مسار العلاقات بين العالم العربي وألمانيا الغربية، وأبرز لأول مرة فاعلية التضامن العربي في مواجهة التحركات الغربية الداعمة لإسرائيل.






