مقالات

الإتقان نهضة للأوطان .. بقلم: دكتور ياسر العز

 الإتقان نهضة للأوطان  .. بقلم: دكتور ياسر العز

( الإتقان نهضة للأوطان ) .. بقلم: دكتور ياسر العز
دكتور ياسر العز

 

يعتقد بعض الناس أن الإتقان هو واجب تعبدي فحسب ! كلا بل هو واجب عملي في شتى مناحي الحياة. وإن الخمول والكسل وتعمد الإهمال هو سبيل من سبل الفساد.. قال الله تعالى (وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ). ( وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم..وأعوذ بك من العجز والكسل).

إن سعة الأرزاق للناس لن تقوم إلا على ساق النشاط ولن تكون نهضة لأمة ما إلا على سواعد الإتقان ..والعمل عندنا في الاالإسلام قيمة كبرى فما بالك بإتقانه وتجويده. ( يقول صلى الله عليه وسلم: إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل)..
إن الكسل والتواني والخمول والعجز لن يجلب للإنسان إلا الخيبة والفقر. وهو والله في القلوب والهمم والعزائم لا في الجوارح والأعضاء يقول القائل..(كأن التواني أنكح العجز بنته * وساق لها حين زوجها مهرا فراشاً وطيئاً ثم قال لها اتكئي فإنك لا بد أن تلديننا الفقرا). إن رسولنا الكريم حثنا حتى على إتقان وإحسان الذبح رأفة ورحمة بالطير والحيوان فقال:” إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته).

وإن من أفضل وأكرم مجالات الإتقان إتقان العمل وعدم تعطيل مصالح الناس فالموظف الخاص. أو العام اذا تسلّط وعقّد الامور نكاية أو تكاسلا. أو قال لصاحب المصلحة. “فوت علينا بكرا” وبوسعه أن يقضي حاجته فليعلم ان الرسول ﷺ قد دعا عليه بالمشقة في حياته!. وهذه والله عقوبة لا يعي خطرها ولا يدرك أثرها: يقول ﷺ :
اللهم من ولِيَ من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به)

الله الرقيب

إن الله الرقيب يراقب أعمالنا ويطلع علينا في كل شؤوننا. فلنعلم أن آجالنا محتومة وأعمارنا محسومة وأعمالنا مسجلة مكتوبة. وسنحاسب عليها يوم العرض عليه سبحانه قال تعالى في حديثه القدسي ” يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا؛ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ؛ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ “.. إن كل عملٍ تعمله على أرض الله خيرا كان أو شرا ستشهد عليك به يوم القيامة أمام ربك وربها. «قرأ صلّى الله عليه وسلّم سورة الزلزلة إلى أن قال {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بأن ربك أوحى لها } فالتفت للصحابة ثم قال: أتدرونَ ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: إن من أخبارِها أن تشهدَ على كلِّ عبدٍ وأمَةٍ بما عملَ على ظهرها؛ فتقول: عملَ كذا وكذا يومَ كذا وكذا، فهذه أخبارها” …

الاتقان

فما أحوج الأمة وما أحوج شبابها وأجيالها أن تتحلى بالإتقان في كل عمل. ما أحوجهم أن يعلموا أن كل عمل أقيم بإتقان عاد على الأمة جميعها ويعود عليهم أيضاً بالخير. حكي أن مقاولا معماريا كان يعمل في شركة عقارية كبيرة. وكان هذا المقاول متميزا باتقانه في عمله، فلما تقدم به العمر رغب في التقاعد. فتقدم بطلب التقاعد لصاحب الشركة فحاول أن يثنيه عن هذا القرار، وأكثر له من المغريات ، إلا أن المقاول كان قد أنهى القرار.

صاحب الشركة

فوافق صاحب الشركة على طلبه شريطة أن يقوم هذا المقاول ببناء منزل أخير. فيختم به سجل عمله الحافل، فوافق المقاول على هذا الشرط ولكن على مضض بعد أن أصر صاحب الشركة على هذا الأمر.ولأن المقاول كان يعلم بأن هذا البيت هو آخر بيت يبنيه. ولأنه لا يعتبر هذا البيت إلا رقما صغيرا في عدد البيوت التي بناها.

فقد تساهل في العمل ولم يتقنه، وأسرع في إنجاز مهمته على حساب الجودة والإتقان. وعندما انتهى المقاول من البناء أسرع إلى صاحب الشركة ليخبره بأنه أنجز ما عليه من مهمة وليسلمه مفتاح البيت. ولكن صاحب الشركة فاجأه بابتسامة، وقال له: اسمح لي أن أقدم لك هذا البيت هدية مني مقابل إخلاصك وتفانيك في السنوات الماضية. ولقد كان إصراري على أن تقوم أنت ببناء هذا البيت لما رأيته منك من إتقان للعمل !. لحظتها دهش المقاول وندم على تفريطه وعدم إتقانه هذا العمل بعد أن أتقن في البناء لغيره فيما مضى وأساء في البناء لنفسه فيما هو آت..

زر الذهاب إلى الأعلى