العارف بالله طلعت يكتب: معمرون على أرض سلطنة عمان
الحلقة الأولى
ناصر بن حبيب مسعود الذخرى من قرية (عقداء) من قرى ولاية دماء والطائيين يبلغ من العمر أكثر من (قرن من الزمان ) كسب المزيد من الود والاحترام من خلال أكرام الناس ومواساتهم واحترامهم . حافظا لأجزاء كبيرة من القرآن الكريم عن ظهر قلب . وعن التغيرات التي شهدتها سلطنة عمان سابقا وحاليا كان لنا معه الحوار التالي :
بداية يقول ناصر بن حبيب مسعود الذخرى الذي تجاوز عمره أكثر من قرن من الزمان :إن عصر ما قبل النهضة والتحول الذي شهدناه بعد النهضة أمر يصعب المقارنة . الحياة كانت في الماضي تحمل البساطة مع الترابط الاجتماعي والأسرى وكنا نعيش أسرة واحدة وكانت حياتنا المعيشية تنقصنا الكثير من متطلبات الحياة .
وحق لكل مواطن عماني أن يفتخر بمنجزات هذا اليوم لما فيه من تغير في جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحق لكل مواطن أن يفاخر بما وصل إليه من الرقى في التعليم والصحة والتطور العمراني .وعمان اليوم تختلف كثيرا عما كانت عليه قبل أربعين عاما نحن يجب علينا أن نعتز بقيمنا وتراثنا وعاداتنا وتقاليدنا المستمدة من العروبة والإسلام .
الأحداث الهامة
ويحدثنا محدثي :ما زلت أتذكر وأنا صغير مشهد مدرسة القرآن الكريم وهي تجلس تحت عريش السعف حاملة عصاها وهي تحفظنا القرآن الكريم باعتباره العلم الوحيد المتاح في ذلك الوقت . كذلك لا استطيع نسيان مشهد ذهابي إلى المملكة العربية السعودية والتي كانت في كثير من الأحيان من خلال ركوب الجمال والحمير.
وأضاف محدثي قائلا: لعدم وجود الثلاجات سابقا كان الأهالي يتبع عدة طرق لحفظ مختلف أصناف الأطعمة كاللحوم والخضار والأسماك من تلك الطرق الدفن تحت الأرض ( السفرجل ) والمليح (اللحوم والأسماك). والتجفيف اللحوم المشوية والتمور والأسماك وبعض الفواكه .
ويتذكر محدثي سابقا :كان يتم تدوين الأحداث الهامة التي تمر بالقرية كعودة مشايخها وعلمائها من السفر أو وفاتهم وقدوم كبار ضيوف القرية من الحكام والأئمة والعلماء وأعيان القبائل الأخرى أو حدوث الكوارث الطبيعية كالفيضانات والرياح العاتية من خلال الطرق الآتية بنظم الشعر والنثر وصفا لذلك الحدث .
وفي الصفحات الأولى والأخيرة من الكتب المتداولة أو على الجدران والأعمدة المباني المبنية من الجص والصاروج وذلك لضمان بقائها وعدم تأثرها لمئات السنين .
روح العصر
وأضاف قائلا: الذهاب إلى السبلة يعد ظاهرة أو عادة قديمة عند أهل عمان تشكل خصوصية فريدة في تلاحم النسيج الاجتماعي العماني مما يجسد صورة الترابط الأسرى والتآخي العشائري والقبلي والديني . والتجمع في السبلة يأتي كل واحد بقهوته وتقدومه والتقدوم عبارة عن الحلوى أو التمر الذي يؤكل قبل شرب القهوة والسبلة عند العمانيين دار أو مبنى للتجمع يجئ إليه من يريد من أهل القرية أو المدينة أو القبيلة فيحضر فيها الكبير والشيخ والشاب وعادة ما يكون التجمع لعزاء أو لفرح أو للسمر ولمعرفة أحوال يعضهم البعض والتشاور أو للصلح بين المتخاصمين من أهليهم أو لاستضافة الضيوف والزائرين . وكثيرا ما يروى كبار السن الحكايات والقصص وأخبار الماضي من سير الأعلام والمعارك الذين عاصروهم أو سمعوا بأخبارهم . ولجان التوفيق والمصالحة تمضى بثبات في درب المستقبل فهي تنقل السبلة بجدرانها وعفويتها من قلب الحارة العمانية إلى جوار صروح النهضة التي تشكل وسط المدينة بصخبها وحيويتها مع احتفاظ السبلة الجديدة . وتوفر الحكومة ممثلة في وزارة العدل خدمة جديدة قديمة ترفد نهر العدالة المنساب بصفاء مائه وقوة جريانه فالعدل الشريف يعلو ولا يعلى عليه .
مؤكدا لجان التوفيق والمصالحة جاءت مكملة لمنظومة العمل القضائي بالسلطنة إلى جوار التنظيم القضائي الذي أصبح بفضل الله يتبؤا المكانة المرموقة والعالية في هذا العهد الزاهر الميمون. . وحين أنشئت لجان الصلح لم تكن غريبة على العمانيين من حيث الممارسة وإنما استجد عليها التنظيم لتواكب روح العصر .
الإنسان العماني
ويتذكر محدثي: كيف كنا بالأمس وما هو عليه الآن من نهضة وحركة تنموية واقتصادية فالعلم والمعرفة والبناء الراسخ كانت أولى اهتمامات حكوماتنا الرشيدة وسعيها الواثق لبناء الإنسان العماني وعلى الشباب أن يتحلوا بالإرادة القوية لتخطى العقبات .
ويحدثنا محدثي قائلا :اشتهرت السلطنة منذ القدم بالصناعات التقليدية والخزفية التي اعتبرها الإنسان العماني جزءا هاما من حياته اليومية فظل يصارع ويقاوم كل ما يعترضه في سبيل المحافظة على أصالة وجمال هذه الصناعات الوطنية التي ما زالت حتى اليوم مهنة يتوارثها الآباء والأبناء عن الأجداد . وإقامة المعارض التراثية للمجتمع العماني تعمل على إثراء الجانب المعرفي للطلبة من جانب ترسيخ المفاهيم القديمة والمسميات .والقرية التراثية تعتبر إيضاح للناس عن الحرف اليدوية وما تعنيه لنا وهي صنعة يتعلمها الإنسان من أبائه ويتقنها وتعتمد على مهارات يدوية .والقرية تتضمن المنسوجات باعتبارها حرفة قديمة قدم الحرف الشعبية والمعروف أن عملية الغزل تتم باستخدام المغزل ومن أنواع المنسوجات : الإزار – العمائم – الشواذر- الأردية القطنية – الحصير.وهناك تقليد قوى في الأعمال الجلدية وصناعة السلال والمنسوجات والنسيج تثبت أن الشعب العماني على مدى قرون قد سخر موارده المحلية وتكيف مع بيئته الصعبة في الغالب .فقد استفاد العماني من الاعتماد على النخلة كمصدر للغذاء خاماتها بما يتناسب وحاجاته اليومية المتعددة مثل الجذع والجريد في بناء المساكن والسعف في صناعة السلال والمراوح اليدوية والحصر وأوعية حفظ التمور وغيرها وأدخلت مؤخرا صناعة الطاولات والكراسي والأقفاص بما يتناسب ومتطلبات السوق المحلى.والحرف التقليدية العمانية تجسد تراثا غنيا له حضوره البارز على امتداد الرقعة الجغرافية للسلطنة .
وأضاف قائلا :علينا أن نعلم أبنائنا الجديد والمفيد بما يرى ويسمع وبذلك يطور سلوكه وتعامله مع الآخرين لكسب المزيد من الود والاحترام.وهكذا تعلمنا من والدي المرحوم الذي توفي عن عمر يناهز( 120عام )أكرام الناس ومواساتهم واحترامهم وتقديرهم واعتبار الجميع كلا حسب عمره أما والدا أو أخا أو أبنا .
ومن هوايتي المفضلة قراءة الصحف والمجلات ومتابعة الأحداث التي تجرى على الساحة الحالية من خلال نشرات الأخبار من الإذاعة والتليفزيون والتعرف على مختلف مناطق السلطنة وما تحويه من معالم آثريه وسياحية مختلفة . والكثير من الشخصيات العمانية. ومن هوايتي وأنا شاب زراعة القمح والنخيل .
أشار قائلا :رياضة المشي مهمة جدا للفرد ومزاولة برنامج المشي الرياضي بانتظام يساعد في تحسين عوامل بدنية وصحية كثيرة والتي بالتأكيد تمنع الإصابة بإمراض العصر كالضغط . ومن أحب المأكولات المفضلة لدى اللحم والسمك وشرب القهوة والتمر . وأحفادي تتكون من عشرون حفيد ذكرا وأنثى .
وما زلت أدوام على قراءة حفظ أجزاء القرآن الكريم الذي أحفظه عن ظهر قلب .وإن الحياة الحقيقية النافعة هي المتصلة بالله ولا تكون إلا الاستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم . فالحياة الحقة الطيبة هي حياة القلوب والأرواح والوجدان في رحاب طاعة الله تعالى والاستجابة لأوامره وما أمر رسوله عليه الصلاة والسلام .
ماء الذهب
ومن جانب آخر يقول : السلطنة تمتلك ثروة وطنية هائلة من المخطوطات والوثائق والمؤلفات العمانية التي تسجل تاريخ عمان الموغل في القدم على امتداد الحقب والقرون الماضية . وتتناول المخطوطات الموجودة بدائرة المخطوطات والوثائق بوزارة التراث والثقافة مختلف فنون العلم والمعرفة الإنسانية وإلى جانب النسخ النادرة من القرآن الكريم المكتوبة بماء الذهب توجد مخطوطات في علم الفلك والأدب والطب والكيمياء والتاريخ .
مؤكدا كبار السن مصدر اساسى للتراث والتاريخ حيث يقوم المسنون بدور كبير في المحافظة على لم الأسرة والحفاظ على وحدتها .