قوة العلاقات المصرية الروسية

كتب/ د. أحمد شندي 

يعتبر موقف مصر من الأزمة الروسية الأوكرانية متوازن وقوي وواضح ونتحرك وفق حسابتنا وليس لدينا أي مشكلة مع الولايات المتحدة أو روسيا ويتضح ذلك من خلال 

اتصال الرئيس السيسي يعطي توجه إيجابي بأن مصر على اتصال بأطراف الأزمة سواء الولايات المتحدة وحلف الناتو أو روسيا، ومصر حريصة على تجميع موقف عربي للأزمة حيث أكد الرئيس السيسي ضرورة تغليب لغة الحوار، مع دعم مصر لكل المساعي الدبلوماسية التي من شأنها سرعة تسوية الأزمة سياسياً من أجل الحد من تدهور الموقف، والحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، واستعداد مصر لدعم هذا التوجه من خلال تحركاتها الحثيثة في هذا الصدد سواء ثنائياً، أو على الصعيد المتعدد الأطراف. 

شهدت العلاقات المصرية الروسية في عهد السيسي دفعة جديدة للتعاون البناء والعلاقات الاستراتيجية المتميزة بين البلدين، وذلك من خلال الزيارات المتبادلة والمتكررة بين الرئيسين المصري والروسي وكبار المسؤولين بالبلدين، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية وتدعيم دور البلدين فيما يخص القضايا الإقليمية والدولية، وكذلك للمشاركة في المناسبات القومية للبلدين، فشارك السيسي في الاحتفالات الروسية بالذكرى السبعين للنصر في الحرب العالمية الثانية في مايو 4102، وشارك رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف على في احتفالات مصر بافتتاح قناة السويس الجديدة. وفيما يخص المباحثات السياسية بين البلدين فتم عقدها بصيغة «4+4»، مما يجعل مصر الدولة العربية الوحيدة التي تبنت معها روسيا هذه الصيغة والتي تتبناها مع خمس دول أخرى، هي الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان. 

وخلال زيارة السيسي لروسيا في أكتوبر 4108 أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً بتوقيع اتفاقية شراكة شاملة وتعاون استراتيجي على أعلى المستويات مع مصر، كما ألقي السيسي خلال الزيارة كلمة داخل مجلس الاتحاد الروسي، ليصبح أول رئيس أجنبي يلقي كلمة فيه.

جرى خلال بعض تلك الزيارات التوقيع على عدد هام من الاتفاقيات بما في ذلك اتفاقية إنشاء المحطة النووية بالضبعة، واتفاقية إنشاء المنطقة الصناعية الروسية بمنطقة محور قناة السويس، إلى جانب إعطاء الضوء الأخضر لإمكانية استئناف الطيران المباشر بين البلدين بعد انقطاع استمر لأكثر من عامين بسبب حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء.

وعلى المستوى العسكري، استمر التنسيق والتعاون بين البلدين سواء من خلال توقيع اتفاقيات التسليح أو إجراء المناورات العسكرية المشتركة أو تكرار انعقاد اجتماع اللجنة العسكرية المصرية – الروسية المشتركة.

وعلاوة على ذلك أصدر مجلس جامعة الدول العربية بيانا بشأن الأزمة الأوكرانية، أعاد خلاله التأكيد على كافة ما ورد ببيان المجلس على مستوى المندوبين الدائمين الذي عقد في 28 فبراير الماضي من مبادئ أساسية للموقف العربي الجماعي إزاء هذه الأزمة الكبرى.

وجدد مجلس جامعة الدول العربية في بيانه، على تمسك الدول العربية بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة القائمة على صيانة سيادة الدول واستقلالها ووحدة أراضيها.

وأكد على ضرورة العمل في اقرب فرصة للوصول الى حل دبلوماسي يرى المجلس أنه يشكل المخرج الوحيد من هذه الازمة بما يحقن دماء الأبرياء ويوقف تدهور الوضع الإنساني المأساوي.

وقال البيان، إن الدول العربية إذ ترى خطورة استمرار التوجه نحو تصعيد الازمة، وتؤكد على تمسكها بعدم تسيس عمل المنظمات الدولية والمتخصصة ذات الطابع الفني في مختلف المجالات وتجنب المواجهات السياسية والدبلوماسية المتزايدة وتجنب أي ازدواجية للمعايير الدولية.

وتعتبر كلا من السعودية والإمارات لهم مواقف مختلفة عن الموقف المصري، ولكن الموقف المصري هو الموقف الرئيسي المركزي، ويجب الفصل بين زيارة الرئيس السيسي للسعودية والموقف المصري في الأزمة الروسية الأوكرانية ويرجع سبب الفصل بين الموقفين، أن مصر لها مصالح مباشرة مع روسيا والولايات المتحدة، خاصة أن مصر لها شراكة استراتيجية عسكرية طويلة مع الولايات المتحدة، كما أن روسيا لديها مشروعات كبيرة في مصر واستثمارات ضخمة مثل مشروع الضبعة النووي؛ الدبلوماسية المصرية لديها موقف ثابت وراسخ تجاه رفضها الأعمال العسكرية من أجل حل القضايا، والجميع يعلم ذلك، بالإضافة إلى أنها لا تقبل التدخل في الشأن الداخلى أو أية إملاءات خارجية. 

وعن آراء بعض المختصين في مثل هذه الأزمات ‭ ‬استبعد‭ ‬السفير‭ ‬جمال‭ ‬بيومي‭ ‬مساعد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬السابق‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬تتأثر‭ ‬العلاقات‭ ‬الروسية‭ ‬المصرية‭ ‬بتصويت‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬الأممي‭ ‬والذي‭ ‬يدين‭ ‬الغزو‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬الروس‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬استعداد‭ ‬لخسارة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬لافتا‭ ‬أن‭ ‬الروس‭ ‬يفصلون‭ ‬بين‭ ‬موقف‭ ‬مصر‭ ‬تجاه‭ ‬غزوهم‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬ومصالحهم‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬ملفات‭ ‬المنطقة‭ ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬70‭% ‬من‭ ‬تصويت‭ ‬مصر‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬ضد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬،‭ ‬وأضافت‭ ‬نورهان‭ ‬الشيخ‭ ‬استاذة‭ ‬العلوم‭ ‬السياسية‭ ‬بجامعة‭ ‬القاهرة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬استحالة‭ ‬أن‭ ‬تتخندق‭ ‬مصر‭ ‬تنحاز‭ ‬لطرف‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬فكما‭ ‬أن‭ ‬لمصر‭ ‬مصالح‭ ‬اقتصادية‭ ‬وعسكرية‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬فلها‭ ‬أيضا‭ ‬مصالح‭ ‬استراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تمدها‭ ‬بالمعونات‭ ‬العسكرية‭ ‬وتعتبرها‭ ‬شريكا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.

ولكن يبقى السؤال: هل تؤثر الأزمة الروسية الأوكرانية على العالم؟

هناك تطورات للأزمة الروسية الاوكرانية والتي لها تأثيرها على العالم ككل وتؤثر سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا حيث تعد من أخطر الأزمات التي تواجه العالم بعد الحرب العالمية الثانية، إذ لاتقتصر على غزو أوكرانيا ولكن العالم كله مهدد.