فنانات لم تنجبن .. أمهات على شاشة السينما
الكاتبة: إنجي الحسيني
أنطلقت من مصر لجميع الدول العربية، فكرة الكاتب الصحفي مصطفى أمين للاحتفال بعيد الأم في 21 مارس، ولأن مصر هي هوليوود الشرق، فقد عملت شاشة السينما على تقديم وتعظيم شخصية الأم كأهم دعائم الأسرة وذلك لإيصال الرسائل الاجتماعية الايجابية، حيث مارست الكثير من الفنانات دور الأم، خاصة فنانات حرمتهم الحياة من نعمة الإنجاب وآخريات فضلن رسالة الفن وسحرتهن أضواء النجومية والشهرة ..
عندما يتم ذكر أهم الفنانات اللاتي جسدن دور الأم، يتبادر للذهن أسم الفنانة الراحلة “أمينة رزق” التي لقبت بعذراء الشاشة لعدم زواجها، وقدمت أكثر من 200 عمل فني؛ حيث ساهمت ملامحها كي تتربع على عرش أدوار الأم بأنماطها المختلفة، فهي الأم المظلومة والمغلوبة على أمرها والمتحكمة والقوية والحنونة وصاحبة المبادئ، وتمتلئ القائمة أفلامها بأدوار لا تُنسى منها: “بائعة الخبز، غضب الوالدين، التلميذة، دعاء الكروان، أين عمري، أخواته البنات، كلهم أولادي” إلا أن فيلمها “أعز الحبايب” قدم الأم كقيمة تستحق الاكرام والاحسان إليها، حيث تتعرض الأم لمعاملة مهينة من زوجة الأبن فتضطر للعمل كخادمة بإحدى المستشفيات.
تزوجت الدلوعة “شادية” ثلاثة مرات وعندما عرفت أنها لن تتمكن من تحقيق حلم الأمومة قررت عدم الزواج ثانية وعاشت لتربي أبناء أشقائها؛ ومن خلال السينما قدمت أروع أغنياتها “سيد الحبايب يا ضنايا أنت” بفيلم ” المرأة المجهولة” في أداء يقشعر له الأبدان ويثير الأحاسيس الجياشة، ويرجع أدائها الرائع لهذه الأغنية لحلم الأمومة الذي لم يتم، فعندما سُألت: عن أمنية لا يعرفها الناس عنها؟ أجابت بخط يدها أن أمنيتها أن يكون لديها دستة أطفال عندما تصل إلى سن الخمسين، وبمرحلة متقدمة من العمر جسدت شخصية “دادة عيشة” بفيلم “لا تسألني من أنا” وهي أم لستة أبناء يدفعها الفقر لبيع ابنتها الصغرى لسيدة ثرية مع العمل لديها كمربية.
رغم زيجات الفنانة “تحية كاريوكا” المتعددة فهي لم تنجب، وقدمت دور الأم بالعديد من الأفلام، ويعد فيلمها “أم العروسة” من علامات السينما المصرية، حيث ظهرت كأم لسبعة أبناء لأسرة مصرية متوسطة الدخل تعاني كيفية تدبير تكاليف الزواج، ويذكر أن الفيلم قد دخل قوائم التصفية النهائية لجائزة الاوسكار فئة أفضل فيلم ناطق باللغة غير الإنجليزية في العام التالي لعرضه بمصر لكنه خرج من التصفيات سريعًا.
جسدت السندريلا “سعاد حسني” دور الأم بأكثر من عمل سينمائي كفيلم ” الزوجة الثانية” والذي نالت عنه جائزة وزارة الثقافة عام 1968 وأفلام “غريب في بيتي، المشبوه والراعي والنساء” وذلك بمرحلة متطورة تتناسب مع مرحلتها العمرية في ذلك الوقت، بعيدًا عن أدوار الفتاة الشقية التي اشتهرت بها، و قامت بالغناء للأطفال بحلقات مسلسل “هو وهي” ، وأهدت الأم في عيدها أجمل الأغنيات للمبدع صلاح جاهين وهي “صباح الخير يا مولاتي” والتي تُذاع باستمرار يوم الأحتفال بعيد الأم.
استمر زواج الفنانة “سناء جميل” 41 عاما من الكاتب لويس جريس، ولكنها رفضت الإنجاب وفضلت الفن وقدمت دور الأم سينمائيًا ودراميًا بشكل مخالف للمتعارف عليه، عُرفت بأدائها المتميز الذي وصفه عميد الأدب العربي “طه حسين”: “ليس لأحد على تمثيلها سبيل”، فهي الأم الارستقراطية بفيلم” سواق الهانم” والأم المكافحة في “البدروم” والأم الحنونة في “اضحك الصورة تطلع حلوة” وغيرها من الأعمال الناجحة.
وهناك فنانات أتجهن للتبني، وأخريات عشن للفن؛ فالفنانة “نبيلة عبيد” تزوجت 5 مرات ولكنها لم تنجب ويُذكر لها فيلم “العذراء والشعر الأبيض” لزوجة تتبنى طفلة حتى تشبع رغبة الأمومة لديها، وكذلك الفنانة “يسرا” التى تعرضت للاجهاض عدة مرات وكانت أمًا على الشاشة في عدة أعمال كفيلم “كراكون في الشارع”، وأيضا الفنانة “إلهام شاهين” والتي قدمت دورا جرئيًا بفيلم “خالي من الكوليسترول” لأم من ذوي القدرات الخاصة للفنان أشرف عبد الباقي، ولكنها مارست الأمومة من خلال حياتها الأسرية كأم لأشقائها ولأولاد أشقائها الذين يعتبرونها أمهم الثانية.
في النهاية نحن أمام فنانات جسدن دور الأم بمنتهى البراعة، عشنا معهن متاعب الأسرة ونقلن لنا من خلال شاشة السينما كيف تكون الأم عظيمة في عطائها وتستحق أن تصبح كل أيام السنة عيدا لها، ولا يوجد أعظم من رسائل الفن ليؤكد على قيمة الأم ويذكرنا بأنها “أعز الحبايب”..