معنى كلمة القدر … بقلم: د. أحمد يوسف الحلواني
هل سألت نفسك يوما ما معني كلمة القدر في ليلة القدر ولماذا أُضيفت الليلة إلى القدر؟
والإجابة على هذا السؤال أنه مُركَّب إضافي، كما يقول النُحاة.
ومعنى القدر قال بعض العلماء ليلة القدر أي ليلة التقدير، {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} ، وذلكم أن الله سبحانه وتعالى يُقدِّر فيها إلى مثلها سنة كاملة أي من ليلة القدر إلى ليلة القدر أو من رمضان إلى رمضان يُقدِّر فيها مَن يموت ومَن يحيا ومَن يُعطى ومَن يُحرَم ومَن يُولَد ومَن يشيب ومَن يهرم ومَن يضعف ومَن يمرض ومَن يصح ومَن… ومَن… ومَن… إلى آخره.
فقيل ليلة القدر أي ليلة التقدير، وقيل ليلة القدر أي ليلة الشرف والعظمة والمنزلة، من قولهم فلان ذو قدر، قال عز وجل {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} ، أي ما كبَّروه وما عظَّموه سُبحانه وتعالى حق تعظيمه.
وقيل ليلة القدر أي ليلة الضيق، لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة، فالملائكة تتنزَّل فيها مع الروح، قيل هو جبريل، وقيل ملك عظيم لا ينزل إلا في هذه الليلة، مرة واحدة في السنة، فتضيق الأرض فيها بالملائكة، لكثرة ما يتنزَّل فيها من أملاك الرحمن، وقيل معنى التضييق فيها تضييق علمها؛ لأن الله أخفى علمه عن أكثر الخلائق، فما يعلمها إلا قليل من أولياء الله والعارفين.
وقد ذكر أنّ مُعاوية بن أبي سُفيان بعث مرة إلى حبر الأمة ابن عباس، قال له أنجدني، أغثني يا عبد الله بن عباس، قال ما ذاك يا أمير المُؤمِنين؟
قال لقد كنت أسبح في بحار كتاب الله، فعلتني موجة كادت تُغرِقني، قال ما هي يا أمير المُؤمِنين؟
قال قوله تعالى { فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} ، كيف يظن نبي أن الله لا يقدر عليه؟ فقال يا أمير المُؤمِنين ليس من القُدرة، وإنما من القَدْر، أي التضييق، قال تعالى {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ }، قال جزاك الله عنا وعن المُسلِمين خير الجزاء.
فهذا ما قيل في معنى ليلة القدر، والله أعلم، وأما ما ورد في فضلها روى الإمام أحمد في مُسنَده والإمام الطبراني في مُعجَمه الكبير من حديث صاحب رسول الله عُبادة بن الصامت – رضيَ الله عنهم وأرضاهم أجمعين – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر مَن قامها ابتغاءها، ثم وقعت له، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه، قال مَن قامها ابتغاءها، ثم وقعت له، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه، وفي رواية وما تأخَّر.
اللهم ارحمنا في شهر رمضان، اغفر لنا ذنبنا كله، خطأه وعمده، دقه وجِله، سره وعلانيته، قديمه وحديثه، اللهم أعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا وأحبابنا والمُسلِمين والمُسلِمات من نار جهنم في شهر رمضان يا رب العالمين. اللهم اكتبنا فيه من المقبولين، واكتبنا فيه من المُنجِحين، واجعلنا فيه من الظافرين الفائزين، ولا تجعلنا في زُمرة الخائبين، يا رب العالمين.
