حمدي رزق يكتب: حكاية الست عبير!
عناية «المصرى اليوم»، ومحررها النابه «رجب رمضان» بقصة السيدة «عبير على» عاملة الخدمات الإدارية بنادى «سموحة» لأمانتها فى تسليم شيك بـ «مليون جنيه» عثرت عليه أثناء ممارسة عملها فى أحد الحمامات بالنادى.. صحفيًا وأخلاقيًا تستحق عليه «جريدتنا المفضلة» تحية تقدير وثناء.
التركيز صحفيًا على مثل هذه النماذج المضيئة يورثنا فخرًا بالناس الطيبة، مصر مليئة بهذه النماذج التى تعطى الحياة طعمًا، وتلون أيامنا بالسعادة، مصدرها الرضا والقناعة.. فى اتجاه معاكس تغبطنا مثل هذه الأخبار السارة وتثير فى نفوسنا الأمل، ليت الصحافة تقتفى مثل هذه النماذج الباهرة وتعلنها على الناس!.
الست «عبير» الشريفة الأمينة التى تأنف الحرام ليست استثناء، خلق كثير بيننا تحسبهم أغنياء من التعفف، العظيمة تعثر على شيك بمليون جنيه، رقم يسيل له اللعاب، لم تفكر ولم تدع للشيطان فرصة يلعب برأسها، من فورها سلمته، وحظيت بنظرة إكبار من كريمتها الكبرى، وافتخار من إدارة النادى والأعضاء، وشهادة تقدير وحفل بسيط بهيج أقامه خصيصا لها «كرم وليد عرفات»، رئيس نادى سموحة الرياضى فى الإسكندرية، هكذا تورد الإبل، هكذا نحتفى بهذه النماذج المنيرة.
لفتنى بساطة الست عبير وتلقائيتها، تقول: «حاسة إنى معملتش حاجة»، عندك حق، الأمانة طبع، والشرف أخلاق، والطيبة من سجايا الطيبين، والقناعة والرضا من عند الله، والفقر ليس سببا للفساد والانحراف، يقينا شبعانة على طبلية أبوها، وعلمتها أمها الطيبة أن الحرام يفسد الحلال، صحيح مرتبها على قد الحال ولكنها غنية بالقناعة، والقناعة كنز لا يفنى.
درس الست عبير لكل من استشعر فقرا خلّفَ ضيقا، الفقر مش عيب، والفقر فقر النفس، والغنى فى القناعة، والشكر والحمد على الصحة والعيال، لئن شكرتم لأزيدنكم، هذا وعد ربنا الكريم، وكرمه عظيم، وما عند الله كثير، ورزقه وفير.
الست عبير تمثل عموم المصريين الطيبين، المصرى الجميل يأكلها بدقة، وحامد وشاكر ربه، وإذا سأل يسأل الله، وإذا ضاقتْ فُرجتْ، وصبر جميل، لا يأكل سحتا، ولا يقرب حراما، ويخشى من ولاد الحرام، لأنه ابن حلال مصفى، ومصلى، ويعرف الله حق المعرفة، فطرته سليمة، وحقيقى، غير مصنوع وملون وجهه بالأصباغ كالبلياتشو يضحك المهرجين الذين يجولون فى الأسواق ببضاعة مضروبة.. خلوّ من الصدق والطيبة.
السوشيال ميديا المشغولة بـ «الشاب الذى أكل الكشرى» غفلت عن «الست عبير»، لا يحتفون إلا بالنماذج المزعجة إنسانيًا، حظ المهرجين من الاهتمام والتغريد والتتويت، التريند وَقْف على حكايات الفهلوية، يجتذبون كثيرا من الإعجابات، ولكن الشرفاء والطيبين لا يلفتون أحدا إلا المحترمين.
لو تمنيت على الدكتورة «مايا مرسى» رئيسة المجلس القومى للمرأة أن تكرّم الست عبير، وتضعها فى قوائم المكرمات فى عيد الأسرة، جدٌّ هى نموذج للأم المثالية التى تشقى وتجد وتتعب وتعرق فى تربية ولادها بالحلال، ولا تمد يدها إلى الحرام، وتأنف الكسب الحرام، بوركت يا ست عبير ويعوضك خيرا.. ومشكور زميلى «رجب رمضان» على هذه القصة الراقية.