“الصغير حجمًا والخفيف دمًا… في ذكرى ميلاد الضيف أحمد
كتبت/ مادونا عادل عدلي
عُرف بالعقل المدبر لفرقة ثلاثي أضواء المسرح، الفنان الضيف أحمد، الذي استطاع أن يترك بصمة في قلوب الجماهير، بتاريخ سينمائي كوميدي بأسلوبه المميز الجريء، رغم وفاته في سن صغيرة لم تتجاوز الـ34 عاما من عمره.
حيث تجلّت موهبة التمثيل عنّد الضيف أحمد وهو مازال صغيرًا، فكانَ بارعًا في تقليد أدوار المُدرسين في مدرسته الصغيرة، وبعد أن دخلَ الجامعة، تطور الأمر وأصبح نجم المسرح الجامعي، وتحديدًا مسرح كُلية الآداب، فحصلَ على عدة جوائز عن الأدوار التى قام بتمثيلها على مسرح الجامعة، والمُختارة من روائع المسرح العالمي، مثل؛ مسرحية «شترتون».
و«الفريد يُغنى»، واحيانًا كان يبتعد عن النصوص العالمية، ويتعكّز على موهبته ويسيرا سويًا في دروب الفن، يُألف ويخرج ويمثل النص وحده.
ومن مسرح الجامعة أيضًا، كانت انطلاقة الضيف أحمد الحقيقية، بينما كان يؤدى أحد الأدوار على خشبة المسرح، رآه الفنان، فؤاد المُهندس، فيما كان يُتابع نشاط المسرح الجامعي ونشاط الهواة، حيثُ برعَت موهبة الضيف أحمد في مسرحية «كرامازوف». ومن بعدها تم اختياره فورًا للمُشاركة في مسرحية «أنا وهو وهي». من بطولة فؤاد المُهندس وشويكار، ففُتحت أبواب النجاح للشاب الأسمر الموهوب.
عندّما تأسست فرقة «ثُلاثي أضواء المسرح» في ستينيات القرن الماضي، استأجروا مسرح «الهوسابير» بوسط البلد، لم يكُن الضيف أحمد مُجرد مُمثل عادى، بل هو أكثر من فنان الشامل، حيثُ قام، بإدارة المسرح والإشراف الفني على العروض، فكان هو العقل المُدبر لخروج مسرحيات الفرقة، وأبرزهم «حواديت»، «براغيت»، «طبيخ الملايكة»، «حدث في عزبة الورد» والتى قال عنها الضيف أحمد، في لقاءٍ له مع الإعلامية سلوى حجازي، إنها ليست بكوميديا عادّية، بل هىّ خط جديد في الكوميديا، مبنّى على تخيُل أحداث منطقية.
خبر وفاة الضيف أحمد
حيث تلقى الجمهور خبر وفاة الضيف أحمد، كالصدمة، بدءا من أصدقاءه وأهله، إلى جمهوره، خاصة أن وفاته جاءت قبلها ليلة باتت وكأنه يتدرب على الوفاة وليس على عمل مسرحي!
كان الضيف أحمد قبل وفاته يُخرج رواية “كل واحد وله عفريت”، وُقدمها في صورة مسرحية كوميدية بعنوان “الراجل اللي جوز مراته”، وفي ذلك الوقت صمم على أن يحضر جميع أعضاء الفرقة بروفات المسرحية، وكان يؤدي فيها دور رجل ميت ويجب أن يضعه الحانوتي في نعش وبالفعل هذا ما حدث.
لم يكن الضيف أحمد يعلم أنه يتدرب على مشهد وفاته، حيث شعر بضيق تنفس وإجهاد شديد، فور عودته إلى المنزل في منتصف الليل بعد انتهاء البروفة، وطلبت زوجته الطبيب على الفور لكنه تأخر كثيرًا في الوصول.
ضاق نفس الضيف أحمد كثيرًا وبات لا يستطيع التنفس بشكل طبيعي، وعلى الفور أخذوه إلى المستشفى بعد تأخر الطبيب، لكنه فارق عالمنا فجأة في الطريق، ليكون الأمر مفاجأة حزينة سقطت على قلوب كل محبيه.
قبل وفاة الضيف أحمد بما يقرب من 6 أشهر، وضع كل ما ادخر من أيام الكفاح، في شراء قطعة أرض في قرية تمي الأمديد بمحافظة الدقهلية، ليبني عليها بيتًا له ولإخوته، لكنه توفى قبل بناء البيت، وأوصى زوجته ووالدته أن يكملا بناء البيت وألا يبتعدوا عن القرية، وأن يُدفن بجوار والده.
حيث كان الضيف أحمد، هو قائد فرقة ثلاثي أضواء المسرح الشهيرة، بالاشتراك مع الفنانين الراحلين جورج سيدهم وسمير غانم، وكان يميل إلى الإخراج أكثر من التمثيل
وظهرت مواهبه بينما كان طالبا جامعيا، وحصل على عدة جوائز عن الأدوار التي أداها على مسرح الجامعة، وعن إخراجه لعدة أعمال من روائع المسرح العالمي.
كان يتوسط المشهد الكوميدىّ، يقف وكأنه «جِزع نخل أصيل باصص للسما»، أسمرٌ نحيل، بسيط، متواضع، حاد الذّكاء، يمتلك من الموهبة ما فاض وغطىّ على رُفقاء مشوار عُمره سمير غانم، وجورج سيدهُم.
وظنّ البعض إنه الحلقة الأضعف في مسيرة «ثُلاثي أضواء المسرح»، فوصفته الإعلامية، سلوى حجازى، في لقاءٍ مُسجل له بأنه «الأصغر حجمًا» في الفريق الكوميدىّ، ولكن كانت المُفاجأة بموته فاكتشف الجميع أنّ الأسمر النحيل «أحمد الضيف أحمد» هو رُمانّة ميزان ثُلاثى أضواء المسرح، فبعد أن توفي في 16 ابريل 1970، تفرق شِمل الثلاثي فذهب كُل منهم إلى طريقٌ بعيد
كمّا قال سمير غانم، «بعدما اتوفى الضيف، جالى 500 واحد شبه الضيف، المسألة مش مسألة شبه، دى مسألة روح»، وأصبحَ فريق «ثُلاثي أضواء المسرح» أسطورة نحكِى عنها في ليالي السمَر.