حمدي رزق يكتب: تطبيق جحا!!
قصة ذائعة لجحا فيها المثل، ومنها تستقى العبر، وتتمحور حول مثل شعبى بليغ يقول «طول ما الطماع موجود.. النصاب بخير».. ومثلها «طمعنجى بناله بيت فلسنجى سكنله فيه»!!.
يروى: ذهب جحا لأحد جيرانه يستعير منه قدر (حلة) يطهى بها طعامه وحينما ينتهى سيردها إليه، وبالفعل أخرج الجار له الحلة وأخذها جحا وانصرف.
ومر يوم وتلاه يوم، ذهب الجار لجحا يسترد قدره (الحلة) وطرق الباب، فتح جحا الباب ورحب بجاره الضيف، وسأل جحا عن قدره، فما هى إلا لحظات ورجع جحا، بقدر (الحلة) جاره ومعه قدر آخر صغير، فتعجب الجار وقال لجحا: هذه قدرى، فما تلك؟.
رد جحا وقال له: إنها ولدت لك عندى قدرا صغيرا، وهو حقك، وبارك الله لك فيه، فرح الجار وأخذ أغراضه وانصرف، ومر يومان وذهب جحا ليستعير منه القدر مرة أخرى، وكان رد فعل الجار فى إحضار القدر فى هذه المرة أسرع وأعطاه ما طلب وهو يمنحه ابتسامة عريضة، وانصرف جحا بما طلب.
ومر يوم واشتاق الجار لرؤية جحا، وقال فى نفسه، يا ترى بماذا أرجع من عند جحا مع القدر اليوم؟.
وذهب لجحا مشتاقا لمعرفة الأمر وطرق الباب، خرج جحا، ولما رأى جاره رحب وهلل بالضيف العزيز، سأله الجار: أين قدرى يا جحا الذى استعرته منى بالأمس؟.
فنظر إليه جحا بحزن وأسدل رأسه الأرض وقال له: يعوض عليك الله لقد توفيت القدر!! فاندهش الرجل وقال بصوت مرتفع: ماذا تقول يا جحا؟ أتموت القدر؟. قال حجا: إن القدر كما تلد تموت!!.
هكذا حال الطماع، أوهم نفسه حينما أطمعه جحا وصدق أن القدور تلد، وتغافل وقبل بالأمر، لكنه استفاق أخيرا على وفاة الحلة!!.
والطمع يقل ما جمع، وعين الطماع ميملهاش غير التراب، فى البنوك محفظة شهادات ادخارية بعوائد تتراوح ما بين (14٪ وحتى 25٪)، تلبى حاجات الطيبين، وتدر أرباحا جيدة، تكفل استثمار آمن ومضمون بضمانة البنك المركزى، وحدث عليها إقبال لافت بلغ مليارات من الجنيهات.
لماذا إذن الطمع والسقوط فى مصائد منصوبة بدهاء فى الفضاء الإلكترونى، تصيد الطماعين، تغازلهم، تعزف على أطماعهم، وتسلب أموالهم، مصائد عابرة للقارات عبر تطبيقات إلكترونية تستهدف «جيل الموبايل» الذى يستنكف التعاطى مع المصارف الوطنية بحثا عن مكاسب دولارية غير مرئية تهبط عليه من الفضاء الإلكترونى.
حالة السعار إلى الربح السهل بلا شغلة ولا مشغلة، والتى بات عليها نفر من الطماعين الجدد، توقعهم دوما فى شر أعمالهم، يسقطون من حالق فى فالق، سقوط حر بإرادة كاملة.
السقوط فى فخ تطبيق (Hogg Pool) على شبكة الإنترنت، عصابة متعددة الجنسيات، توهم الطماعين باستثمار أموالهم لتحقيق أرباح يومية باستخدام التطبيق العجيب، وإذ فجأة (فجعة) يغلق التطبيق على أصابعهم الطويلة، ويضيع شقى العمر هباء، يقعدون ملومين محسورين من الحسرة.
نفس الطريقة المتبعة منذ أيام جحا الذى اشتغل طمع جاره، وأوهمه أن الحلة «القدر» يولد قدرا صغيرا، وكأنه الأمس، وكأنها شركات توظيف الأموال، نفس النصباية، فقط هذه المرة تطبيق إلكترونى، نفس المستريح الذى ينصب على السذج، لكن بجنسية أجنبية، والطماع هو الوحيد الذى لا يتغير ولا يتعلم ولا يفقه الدرس، حتى إنه لم يقرأ قصة جحا وجاره الطماع.