حمدي رزق يكتب: فى محبة أطفال المقاومة
وكما يقول الروائى الشهيد «غسان كنفانى»: «هذه المرأة تلد الأولاد فيصيرون فدائيين.. هى تخلف وفلسطين تأخذ».
٩٤ شهيدًا فلسطينيًا ارتقوا هذا العام فى ثلاثة شهور إلى السماء، سماء فلسطين تظللها أرواح الشهداء، فرحين مستبشرين بنصر قريب.
يقول شاعر المقاومة طيب الذكر محمود درويش: «أن تكون فلسطينيًا يعنى أن تصاب بأمل لا شفاء منه».
المقاومون الفلسطينيون- ولا نفرق بينهم نضاليًا- من سلسال الشهداء، شهداء أولاد شهداء، أحفاد شهداء، الحفيد فى أثر الجد الشهيد، مقابر الشهداء تجمع رفات الشهداء على مدار العقود والأعوام.
إحصاء فلسطينى فريد من نوعه، أذاعه الجهاز المركزى للإحصاء فى فلسطين فى ذكرى النكبة ١٥ مايو الماضى، عدد الشهداء الفلسطينيين (والعرب) منذ نكبة عام ١٩٤٨ وحتى اليوم (داخل وخارج فلسطين) بلغ نحو مائة ألف شهيد.. رقم يشرّف وطنًا.
أرقام تنير وجه فلسطين الحزينة، تبعث على الفخر والفخار والافتخار، هذا شعب المقاومين، الشعب الذى يقدم ١٠٠ ألف شهيد فداء لقضيته، ويروى بدمائهم الزكية أرضه، لن تضيع قضيته مهما طال زمان الاحتلال.
وبينهم أطفال، الأطفال فى بلادنا الطيبة تحتفل برمضان، وأطفال فلسطين يستشهدون برصاص الاحتلال الغاصب، «الأطفال المقاومون» ظاهرة فلسطينية فريدة نضاليًا، وتقلق راحة الاحتلال الصهيونى، عندما يشب الطفل عن الطوق مقاومًا، فثق أن للقضية شعبًا يحميها، فى فلسطين يهبون أطفالهم فداء للقضية.
وفى سجون الاحتلال الصهيونى لا ينام على الضيم مقاومون، عدد الأسرى فى سجون الاحتلال الإسرائيلى بلغ ٤٤٥٠ أسيرًا حتى شهر إبريل من العام ٢٠٢٢، منهم ١٦٠ أسيرًا من الأطفال، أما عدد حالات الاعتقال فبلغت خلال العام ٢٠٢١ نحو ٨٠٠٠ فلسطينى فى كل الأراضى الفلسطينية، من بينهم نحو ١٣٠٠ طفل، أطفال لا يذهبون إلى المدارس، أطفال أسرى ومعتقلون فى سجون الاحتلال.. كيف لهذا الاحتلال البغيض أن يواجه شلال المقاومين؟!.
المرأة الفلسطينية يا لها من امرأة، وقالوا عنها: «يا غصنًا استعصى كسره على أقوى الرجال، وأصبحت شجرة ثابتة فوق الرمال».
ثبات المرأة الفلسطينية ورسوخها فى أرضها معجزة إنسانية تتحدث عنها وتغار منها أشجار الزيتون، دمها عطر، وريحها نفس المقاومين، شجرة عتيقة، تعجب من صمودها فى وجه الأنواء والأعاصير والقصف الجوى يدك البيوت فوق الرؤوس، تخرج من تحت الأنقاض مكورة قبضتها تحديًا فى وجه جنود الاحتلال، تصيبهم بالذعر، يتدارون منها ويتخفون فى ثيابهم خوفًا.
مثل شجرة قوية عفيّة، صابرة محتسبة، تحمل وتُنجب وتُرضع المقاومين، وتستشهد جوار المجاهدين، فى مقدمة الصف وخلف المقاومين، وتتلقى الصدمات، وتسبل أعين أطفالها، وتودع الجثامين بزغرودة انتصار يلوح، وتعود إلى فرشتها تشحن عزيمتها وتحشد المقاومين ليوم الحرية.
تأتى حكومات يمينية متغطرسة، وتذهب حكومات يسارية مجرمة، ويبقى الشعب الفلسطينى على العهد المقدس، عهد الأجداد، صامدًا.
مثل هذا الشعب الأبى العزيز بهذه التضحيات عصىّ على الاحتواء، لا يُقهر، لا يُهزم، أرقامه المسجلة إحصائيًا تُرهب الاحتلال، كلما سفكوا دمًا نبتت فى الأرض الطيبة أشجار المقاومة.. أرض فلسطين خصبة، ينبت فيها المقاومون ليلًا ليستشهدوا صباحًا.. طوبى للشهداء شيوخًا وشبابًا وأطفالًا.. دمتم مقاومين.