العقل أم القلب.. من الأقوى في اتخاذ القرار الحكيم

كتبت / دنيا أحمد
كثيرًا ما نجد أنفسنا في مفترق طرق، بين صوت العقل الهادئ وتحليل المنطق، وبين دقات القلب التي تنبض بالمشاعر والعاطفة. والسؤال الأزلي الذي يطرحه الجميع: من الأقوى في اتخاذ القرار الحكيم؟ هل العقل بعقلانيته، أم القلب بإحساسه العميق؟

العقل هو مركز التفكير المنطقي والتحليل، فهو يقيم المعطيات، ويراجع النتائج، ويقارن بين البدائل، ليصل إلى قرار قائم على الوقائع والحسابات الدقيقة. ولهذا، يُنظر إليه على أنه الأداة المثلى في القرارات التي تتطلب موضوعية وتجردًا من العاطفة، كالمجالات العلمية، أو المالية، أو الإدارية.

أما القلب، فهو موطن الإحساس والرحمة والحدس، وغالبًا ما يتدخل في القرارات التي تمسّ العلاقات الإنسانية، أو تلك التي تحتاج إلى لمسة من الإنسانية والرحمة. بعض القرارات لا تُقاس فقط بالأرقام والمنطق، بل تحتاج إلى ما يشعر به الإنسان في أعماقه، كالصفح، أو الحب، أو العطاء.

لكن هل يمكن لأحدهما أن ينفرد بالحكمة دون الآخر؟
الحقيقة أن أعظم القرارات هي تلك التي تجمع بين حكمة العقل ورقة القلب. فالعقل وحده قد يكون قاسيًا وجافًا، والقلب وحده قد يكون متهورًا أو مفرطًا في التضحية. الحكمة تكمن في الموازنة بين الاثنين: أن يُفكر الإنسان بعقله، لكن لا يُهمل نداء قلبه.

دليل من القرآن الكريم:
قال الله تعالى:
“أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها؟ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”
— (سورة الحج، آية 46)
هذه الآية تؤكد أن القلب أيضًا له دور في الفهم والإدراك، مما يعزز فكرة التكامل بين العقل والقلب.

في نهاية المطاف، لا يوجد صراع بين القلب والعقل، بل تكامل وتوازن. فالحكمة الحقيقية تكمن في أن نُحسن استخدام عقلنا في التفكير، ونُصغي لقلوبنا في ما يتعلق بالقيم والمشاعر. ومن يجيد الإصغاء لكليهما، يصل إلى قرارات أكثر نضجًا وعمقًا.






