قصص وروايات

شهامة الفيل.. دروس في الرحمة والرقي من أضخم كائن على اليابسة

شهامة الفيل.. دروس في الرحمة والرقي من أضخم كائن على اليابسة

شهامة الفيل.. دروس في الرحمة والرقي من أضخم كائن على اليابسة
صورة ارشيفية

كتبت: دنيا أحمد

حين نسمع كلمة “فيل”، أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو حجمه الضخم وقوته الهائلة. لكن ما لا يعرفه كثيرون، أن هذا الكائن الجبار يحمل في داخله قلبًا بالغ الرقة، وعقلًا متطورًا يُدهش العلماء، وسلوكًا اجتماعيًا يعلّم البشر معنى الرحمة والاتزان. في هذا المقال، سنأخذك في جولة مذهلة داخل عالم الفيلة، نكشف فيها كيف يمكن لكائن بهذا الحجم أن يكون قدوة في المشاعر والسلوك.

الفيل في الطائرة… وكتاكيت!

قد تبدو القصة خيالية، لكنها حقيقية وموثقة:

عندما يحتاجون لنقل فيل من مكان لآخر عبر الطائرة، مثلًا من الهند إلى أمريكا، يضعون معه داخل القفص… كتاكيت صغيرة!

نعم، كتاكيت. والسبب؟

لأن الفيل رغم حجمه الضخم، يمتنع عن الحركة تمامًا خوفًا من أن يدهس الكتاكيت، مما يجعله ثابتًا طوال الرحلة، ويحافظ على توازن الطائرة.

لمحة بسيطة، لكنها تكشف عن عمق إحساس الفيل بالرحمة والانتباه للآخرين.

شهامة الفيل.. دروس في الرحمة والرقي من أضخم كائن على اليابسة
صورة ارشيفية

الدماغ… مرآة المشاعر

أبحاث كثيرة أُجريت على أدمغة الفيلة، ووجد العلماء وجود خلايا عصبية نادرة تُسمى “الخلايا المغزلية”.

هذه الخلايا موجودة أيضًا عند البشر وبعض القردة والدلافين، ومسؤولة عن:

 • الوعي الذاتي

 • الشعور بالآخرين

 • الحزن والتعاطف

 • الوعي الاجتماعي

شهامة الفيل.. دروس في الرحمة والرقي من أضخم كائن على اليابسة
صورة ارشيفية

بمعنى آخر، الفيل لديه ذكاء عاطفي، وليس فقط غريزي، ويتصرف في مواقف كثيرة برقي فطري يسبق فيه كثيرًا من الكائنات.

رؤية دافنشي: الفيل كما لم نعرفه

ليوناردو دافنشي، الفنان والمخترع الشهير، لم يكن فقط مهووسًا بالرسم، بل كان شغوفًا بدراسة الحيوان، وكتب عن الفيل قائلاً:

“الفيل يتمتع بالاستقامة، والرشد، واعتدال الطباع.”

ووصف سلوك الفيل بدقة:

 • يغتسل في النهر بهدوء وكأنه يتطهّر.

 • لو رأى إنسانًا تايهًا، يساعده بلطف ليعود إلى طريقه.

 • لا يمشي إلا في جماعات منظمة يتقدمها قائد.

 • عنده حياء بالغ، لا يتزاوج إلا ليلًا، وبعيدًا عن الآخرين، ثم يغتسل قبل أن يعود للقطيع.

 • إذا صادف ماشية في طريقه، يُبعدهم بلطف بخرطومه حتى لا يؤذي أحدًا.

وداع الفيل للحياة: مشهد من الكرامة

ربما المشهد الأشد تأثيرًا هو ما يفعله الفيل حين يشعر باقتراب موته.

لا يموت وسط قطيعه، بل:

 • ينسحب بهدوء

 • يذهب إلى مكان بعيد، غالبًا مكان مات فيه فيل قبله

 • يختار أن يموت وحيدًا، حتى لا يُرى في لحظات ضعفه

 • يحمي الصغار من مشهد الموت… في صمتٍ يليق بكائن راقٍ

هذا السلوك المليء بالكرامة والرحمة نادر جدًا حتى بين البشر أنفسهم.

في الختام: ماذا نتعلم من الفيل؟

الفيل ليس فقط مخلوقًا ضخمًا يعيش في البراري، بل هو مدرسة في المشاعر والسلوك.

من احترامه للضعفاء، إلى حيائه، إلى تنظيمه الاجتماعي، وانسحابه عن الأنظار في لحظات الضعف…

كلها دروس لمن أراد أن يفهم أن الرقي لا يقاس بالحجم، بل بالفعل.

ربما حان الوقت أن نعيد النظر في مفاهيمنا عن “الحيوان”… فبعضهم يملك من الأخلاق ما يُعجز الإنسان.

زر الذهاب إلى الأعلى