حمدي رزق يكتب: العَودُ أحمدُ
على متن طائرة مصرية خاصة، صحبت وزميلتى الصحفية الأهرامية الكبيرة «أسماء الحسينى»، السيد «أحمد عثمان الميرغنى» فى رحلة العودة إلى السودان قبيل الثورة السودانية، كانت رحلة مفعمة بالمشاعر المتضاربة، حنين إلى السودان الحبيب، وحزن شفيف على فراق مصر الطيبة.. طفرت الدموع من أعين كثير من المرافقين غبطة وسرورًا.
عاودتنى الذكريات الجميلة وأنا أطالع أخبار رحلة عودة (والد الطائفة الختمية والشقيق الأكبر للسيد أحمد)، مولانا «محمد عثمان الميرغنى»، رئيس الحزب الاتحادى الديمقراطى، عميد الطريقة الختمية، إلى وطنه فى رحلة وصفتها بـ(عودة الغائب).
من يعرف قيمة السيد الميرغنى فى وطنه (السودان)، يفهم جيدًا توجيه الرئيس السيسى المقدر بتخصيص طائرة مصرية خاصة لنقله عائدًا من القاهرة «إلى الخرطوم»، بعد عقد كامل قضاه خارج السودان متخذًا من مصر وطنًا ثانيًا.
ومن يعرف علاقة مولانا الميرغنى بمصر التى يفضلها على أمصار الأرض جميعًا، ومحبته لأهلها، أهله وناسه، يفهم مغزى الاهتمام الرئاسى بعودة مولانا معززًا مكرمًا إلى وطنه، وهو أهل لهذا الكرم المصرى، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل.
ومن يطالع «برقية شكر» مولانا للرئيس السيسى، على طيب فترة إقامته فى القاهرة، معربًا عن تمنياته لمصر وقيادتها بالتقدم والازدهار، يقرأ بين السطور محبة خالصة لمصر قيادة وشعبًا.. رسالة بعلم الوصول.
ومن يطلع على أدبيات الحزب الاتحادى السودانى يتعرف على خصوصية العلاقة بين مصر والسودان، وكونهما جسدًا واحدًا، وينسحب عليها وصف شريف قال به سيد الخلق صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
هكذا المصريون والسودانيون جسد واحد فى قطرين، ومصر تسهر على وحدة السودان، وسلامة أراضيه، ورخاء أهله مصداقًا للحديث النبوى الشريف.
العلاقة المصرية بالطائفة الختمية عميقة الجذور وثيقة العرى ممتدة فى التربة السودانية الطيبة، لم تنل منها الخطوب، ولم يغير مياهها العذبة مرور العقود حبلى بالمتغيرات السياسية والإقليمية، الطائفة الختمية قيادة وقواعد فى الحزب الاتحادى فى قلب مصر، وتحمل لمصر الكثير من الأمانى العِذاب.
السيد محمد عثمان الميرغنى الشهير بـ«الختم» وكنيته هتافًا «عاش أبو هاشم» من زعامات السودان التاريخية، هو ابن مؤسس الطريقة الختمية المنتشرة فى مصر والسودان وإريتريا وإثيوبيا.
وينتمى مولانا الميرغنى إلى واحدة من أسر الأشراف بمكة المكرمة وهى أسرة الميرغنى، وقد ترجم له الشيخ «عبد الله مرداد أبو الخير»، قاضى مكة المكرمة، فى مخطوطته.. وقال فى مكانته قولًا كريمًا.
الحزب الاتحادى الديمقراطى يُعد من أقدم الأحزاب السياسية فى السودان، تأسس عام ١٩٦٧، ومن بين قياداته الشهيرة السيد إسماعيل الأزهرى، أول رئيس وزراء لجمهورية السودان بعد الاستقلال، ويشكل الحزب مع حزب الأمة السودانى (حزب طيب الذكر المرحوم السيد الصادق المهدى) ثنائية سودانية هى الأشهر سياسيًّا فى السودان وبين الأحزاب العربية.
عودة مولانا الميرغنى حدث سودانى سعيد، سيعود بالخير على أهله، هم فى أشد الحاجة إلى حكمته فى مفترق طرق يحتاج إلى رشادة سياسية هى عنوان مولانا.