حمدي رزق يكتب … المعاشات عَيِلت!!
العنوان أعلاه، لطيب الذكر الكاتب الصحفى الكبير «يوسف الشريف» يوم أبلغته شؤون العاملين بخروجه إلى المعاش،وهو فى أوج الشباب و الإبداع، فسخر من سن المعاش الذى أَخَذَهُ عَلَى حِينِ غِرَّةٍ، بهذه الجملة اللطيفة المعبرة.. خلاصتها أن الأستاذ يوسف يرحمه الله لم يستسلم للنهاية المقررة قانونا، لم يفقد شغفه بالحياة، عاش مستمتعا بالمعاش.
قليلون من يتكيفون مع المعاش، ندرة من يبدأون بعد المعاش، المعاش عند الكثيرين نهاية حياة، قرار فوقى بالخروج من الحياة، فيعتزل الناس، ويعتكف فى الزاوية القريبة، يعمل لآخرته كأنه سيموت غدا، ولربما كتب وصيته قيد الحياة.
فى بلاد أخرى أكثر سعادة، المعاش ولادة جديدة، لأنهم يستبطنون حب الحياة، ويعوضون ما فاتهم من رحلة الشقاء، المعاش هناك حياة أجمل وأرحب، وتفتح النفس على الجمال المفقود فى رحلة الحياة.
فى بلادنا التى تتشوق إلى بعض السعادة، الخروج على المعاش، أكبر فجيعة يصاب بها الإنسان المجتهد، إذ فجأة تتغير الحياة، ما كان بالأمس لم يعد غدا، مزاج الصباحات تلون بالقنوط، والمَساء يمر على النفس ثقيلا، والوقت بطيئا لايتحرك، تنفض من حوله الحياة، وكل هذا العالم من حولى لا أحد.
المعاش فى بلادنا أقرب إلى إطلاق رصاصة الرحمة على الخيول الجامحة التى تركض فى سباق الحياة، قرار غير رحيم،سن المعاش، سن اليأس، والقعود، والأمراض، والشيخوخة المبكرة، وانتظار الملاك الرحيم مع دخول الليل، ومع ضيق ذات اليد، يتحول المعاش إلى عذاب مستدام.
سن الستين فى بلادنا يستوجب مراجعته، لم تعد هذه السن صالحة بعد تقدم الرعاية الصحية وزيادة متوسطات الأعمار،مستوجب دراسة رفع سن المعاش، للاستفادة من نهر الخبرات، الذى يذهب سدى فى بحر الحياة.
صحيح توليد الوظائف فى بلادنا بشق الأنفس، وخلق فرص للشباب مخاض عسير، ولكن يقينى هناك فرصة لا تزال للاستفادة من أصحاب الخبرات «المعاشات»، ولن نعدم حلولا، ولن تبخل الحكومة على من أدوا الأمانة كاملة غير منقوصة.
مكافأة نهاية الخدمة، ومعاش التأمينات والزيادات المقررة كل عام مجتمعة لا تقيم أودا، لا تعين على متطلبات الحياة، أتمناها فرصة عمل جديدة تطيل العمر.. والعمر الطويل لكم.