مقالات

حمدي رزق يكتب… شنطة رمضان

حمدي رزق يكتب… شنطة رمضان

حمدي رزق يكتب... شنطة رمضان
حمدي رزق

سيبك من مسخرة «البيض الأورجانيك»، وكلوا بسكويت بالشيكولاته إذا تعذّر العيش. بِتُّ مؤرَّقًا بفعل جائحة الأسعار على «شنطة رمضان»، ذخيرة الطيبين فى رمضان.

أفكر فى شنطة رمضان، من الزاوية العكسية، أراها تعبيرًا مجتمعيًا عطوفًا بعيدًا عن الرياء والمباهاة، فرصة وسنحت لتوفير بعض القوت الضرورى للطيبين من قِبَل الموسرين فى شهر الكرم الربانى.

شنطة رمضان تعبير محبة وقبول، وأكاد أعتبرها من الموجبات الاجتماعية فى زمن العسرة، توفر بعض الزاد للمتعففين، تحسبهم أغنياء من التعفف.

فى الزاوية العكسية شنطة رمضان على مستوى الوطن تكلفنا ما لا طاقة لنا به اقتصاديًا، أخشى سَحبًا كثيفًا بالأطنان على المكشوف من احتياطيات الغذاء لتعبئة الشنط فى توقيت حساس (الحرب)، ما قد يؤثر على توافر السلع الأساسية فى المخازن، زيت وسكر وسمن وصلصة وفول وعدس ومشتقات الشنطة، ما يترتب عليه نقص المعروض، ما يرفع الأسعار أكثر من سقفها الحالى، ويُحرج البسطاء بشدة من قسوة الأسعار.

بين سد حاجة البسطاء، والأمن الغذائى المجتمعى، تقع شنطة رمضان، وهذه معادلة صعبة، أعرف أن البعض يفكر فى الإقلاع عن عادته الطيبة، وهذا يُخلّف حرمانًا لغير القادرين، والبعض سيجتهد فى عادته الكريمة، البعض يعتبرها نَذْرًا عليه واجبًا مستوجبًا يؤديه عن طيب خاطر، ومهما تكلّف وسجلت الأسعار، سيجتهد ما أمكن فى توفيرها.

الحسبة صعبة، حسبة الشنطة، وتُكلف كثيرًا اقتصاديًا، والمخزون الاستراتيجى من السلع الحيوية يستوجب استدامته والحفاظ عليه، ولا أحد يعرف متى تنتهى الحرب، حتى إن المتحاربتين (روسيا وأوكرانيا) لا تعرفان متى تكون النهاية!.

ماذا عسانا نفعل؟ إذا فعلناها وعبّأنا الشنط سحبنا من الرصيد السلعى، وفرصة تسنح للتجار لرفع الأسعار أكثر وأكثر مادام الطلب ضخمًا على العرض، الذى أخشى أن يشحّ مع توالى الأيام الصعبة.. وإذا تجاوزناها أخشى تأثيرًا سلبيًا على فئات طيبة تنتظرها من السنة للسنة.

يقينًا أن الحرب مأساة إنسانية، تُحيلك إلى التفكير فيما بين يديك، خشية إملاق، وعليه هل يحدث ما يشبه القناعة؟ اتفاق مجتمعى على استبدال الشنطة الرمضانية هذا العام، فحسب، على هيئة نقود، بنفس القيمة، وتمليك الطيبين بعض جنيهات يشترون بها حاجتهم حسب إمكاناتهم.. يجوز، وأخشى أنه مستوجب. وبهذه الطريقة نتحاشى السحب على المكشوف من مخازن الحكومة، ما يوفر السلع فى المحال، ويكبح جماح الأسعار، ونُمرِّر الفرصة على تجار الحبوب والغلال والزيوت أن يستهلكوا المخزون سريعًا فى مدخل الشهر الكريم، ونقعد على الحيطة ونسمع زيطة سعار الأسعار فى رمضان.

الزيطة الحالية «زيطة الأورجانيك والبيض بالبسطرمة» لها مفعول خبيث فى ارتفاع الأسعار، وكلما زاد الضجيج الفضائى والإلكترونى اختفى الدقيق من الأسواق، على طريقة «اللى ماسمعش عن الأسعار يتفرج فى السوبر ماركت».

وفى الأخير، أفكر مليًّا وأنا حزين، الشنطة كانت مثل جبر الخواطر، تحية كريمة بين المُتحابِّين، ولكن التحية بأحسن منها، لو قُدِّر لك أن تُخرج قيمة الشنطة «فلوس» حتى ترضى النفوس. تقول الجدة العجوز: «اللُّقَم تُزيح النِّقَم»، وأيضًا: «الفلوس ترطب النفوس».

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى