حمدي رزق يكتب: على مشارف اليوبيل الذهبى..
يد تبنى ويد تحمل السلاح، ليس شعارًا فخريًا، ولكنه دستور مقدس يحكم جيشًا عظيمًا، يد تبنى وطنًا يستحق الحياة، ويد تحمى الحدود بالأرواح، الوطن الذى يمتلك مثل هذا الجيش العظيم، رايته خفاقة بين الأمم.
جيش وطنى، قوامه هذا الشعب، وسواعده شباب هذا الشعب، جيش مخلص للوطن قدم شهداء بعدد سنوات عمر هذا البلد، يقدمهم فداء، جيش أبىّ يمم وجهه للوطن من بعد وجهه سبحانه وتعالى.
رجال عاهدوا الله، وأقسموا قسمًا أبروا به، يبغون نصرًا أو شهادة، وارتوت أرض مصر بدماء الجنود (المسلم والمسيحى)، يجمعهم نداء الوطن، ويسعون إلى الجندية سعى المخلصين، لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الوطن، ويذكرون الله كثيرًا فى صباحات الحرب والسلم، خير أجناد الأرض.
جيش مصر أصدق تعبيرًا عن هذا الشعب العظيم، جيش عظيم لشعب عظيم، يحاذى فى الصف الغنى والفقير، ابن الضابط وابن الفلاح، ويتقدمهم قادة نذروا أنفسهم فداء للوطن، انظر لقائمة الشهداء، يتسابقون إلى الشهادة قادةً وصفًا وجنودًا، وتُكتب أسماؤهم شهداء فى لوح محفوظ، أحياء عند ربهم يرزقون.
وقبل أن يكمل نصر أكتوبر يوبيله الذهبى، مرَّ ٤٩ عامًا على العبور العظيم، يخوض الجيش العظيم حرب التحرير الثانية، وإذا كانت حرب التحرير الأولى خُضبت بدماء الشهداء، وسُجلت تاريخيًا بأحرف من نور، فإن حرب التحرير الثانية تُكتب الآن بدماء الشهداء، وستُسجل بأحرف من نور كسابقتها، ليصبح النصر مضاعفًا، والسجل يزداد فخارًا.
مواكب الشهداء التى طافت محافظات مصر جميعًا خلال العقد الأخير، تحمل البشرى وتزف شهداء الأرض، تعيد إلينا ذكريات عبرت، ذكريات العبور العظيم وتحطيم خط بارليف وكسر الذراع الإسرائيلية الطويلة التى طالت واستطالت زمنًا لتضرب فى سويداء القلب فى بحر البقر.
«اللى خلف مامتش».. هكذا يقولون فى أمسيات الريف الطيب، البواسل الذين صنعوا نصر أكتوبر العظيم، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر نصرًا جديدًا، خلّفوا أسُودًا تخوض ملحمة بطولية لتحرير الحدود من عصبة الشيطان.
العبور الثانى مخضب بدماء زكية، ريحها مسك وعنبر، لا تستغرب من رائحة رمال سيناء، مضمخة بدماء الرجال السمر الشداد، وإن كان فى أرضك مات شهيد.. فيه ألف غيره بيتولد.
شهيد العبور وهب لمصر شهيدًا على الحدود، المصريون الطيبون يستقبلون الشهداء بالزغاريد، زغرودة أم الشهيد أحلى من الشهد المكرر، وترتدى مصر جلبابًا أبيض، وكأنه يوم الزفاف، وأنا أم البطل.
روح وريحان على شهداء الحرب المقدسة، شهداء الأرض والعِرض، شهداء يوم الكرامة، شعب من الشهداء، شهيد وراء شهيد أنا شعبٌ وفدائىٌّ وثورة، ودمٌ يصنع للإنسان فَجْره، ترتوى أرضى بـه من كل قطرة، وستبقى مـصرُ حرة مـصر حرة.
هكذا كان النشيد فى طابور المدارس، تلهج به ألسنة الصغار، كانوا يرضعون لبان الوطنية على أسنانهم اللبنية، شبُّوا أسُودًا، وبرزوا أسُودًا، وطلبوا من السماء نصرًا أو شهادة، ونالوا نصرًا وشهادة من الله.
والله أكبر تخترق أجواز الفضاء، يسمعها أبناء العرب من الخليج إلى المحيط، وتبارى الجميع فى عون الجيش العربى فى معركة الكرامة العربية، وصفحات النصر تسجل أيادى عربية بيضاء، كان نصرًا عربيًا بامتياز، ومصريًا باقتدار، وفخارًا للأمة العربية.. طوبى للشهداء فى يوم النصر العظيم.