قصة قصيرة بعنوان” الرؤية ” بقلم: جهاد رمضان
وقفت في منتصف الحجرة حائرة لا ترغب في الحديث ولا الجدال ، تتحسس وسادتها بشرود تفكر في حديثها مع “يامن ” كيف لها أن تجيب على اسئلته المعقدة ؟ وكيف سيتفهم موقفهما ! النبش في الماضي يجرح قلبها كالنبش في القبور
فما لها من ذنب اقترفته سوى أنها أحبت رجلًا وتزوجته لتبني احلام في مخيلتها ، لتجد نفسها ترطدم بواقع مرير، المجتمع يحاسبها علي طلاقها ولم يحاسب المجتمع رجلا لا يعرف المسئوليه، تركها وغادر في عتمة الديون تنهدت بحزن وتسللت في بطئ.
دلفت الي حجرة يامن النائم في فراشة تنظر له في وداعه وهو يحتضن دمية أعطاها له والده عند النطق بالحكم في طلاقهم.
جلست بجواره تتأسف له علي سوء حظها وهي تلاعب خصلات شعره، قلقه من موعد الغد المعتاد .
افاق يامن في السابعة صباحًا على غير المعتاد يصرخ ملئ حنجرته وقد تدفق الدماء في عروق وجهه وانتفخت ،يتحسس قلبه في الم ، فزعت الأم من مضجعها تحتضنه وقد انخلع قلبها خوفًا عليه تنهال عليه بسؤال ماحدث ؟ ماذا اصابك
حاول الحديث فأصدر اصوات غير مفهومه فلم تعيد الأم سؤالها مرة أخرى مع طفلها الأبكم وهو يرتشف دموعه حفظا علي كرامه رجلًا زرعته والدته دوما بداخله بأنه رجلًا والرجال لا يبكون ، يتحملون القدر كما رسمه الله ، يتحملون المسئوليه لا يلعبون.
هي تثأر من زمن قمعت فيه أحلامها بحبيب أحبته لتتوهم أنها تبني رجلا جديد كما تتمني في يامن ،فاعتدت على طفولته وهو في سن العاشرة، جذبته إلى صدرها بقوة حتى سكنت رجفته .
دقت الساعة الثامنة فنظر لها متبسما ،اسرع يرتدي ملابسه وهو يمسك يدها يدفعها لتسرع في تحضير نفسها ليلحق موعد رؤية والده على عجل استلقي السيارة وهو يحمل الكرة ،جلس على مقعد الحديقة العامة بعين ثابتة على مدخلها يتفحص المارة ترقص روحه فرحه لانه سيلتقي بوالده و يلعبون بالكرة كما وعده منذ شهر ،فتخلف والده عن الحضور يغضبه.
ظل جالس ساكنًا يحتضن الكرة وعينه متحفزه يأسه على مداخل الحديقة مايقرب لساعه كادت أظافره تحترق الكرة من الغيظ، تقدمت نحوه ماري طفله تتقارب سنه وهي تبتسم : ايمكننا اللعب معا، نظر لها يتأمل فستانها وشعرها المنسدل على ظهر بتحرير، فأعادت سؤالها.
فقال لها: لا انا سئ
قالت ببراءة: ولكني أراك جميل
فنظر لها باندهاش: انتي تفهمين كلامي وتسمعيني
قالت بالطبع افهمك واسمعك، ولكنهم لم يفهموني وانا اتكلم ولا يسمعونني وانا اصرخ بأن يكفو عن الخلاف ولا يرون دموعي وأنا أتشبث بهم بالا يرحلو، قالت: ولكن انا اسمعك وافهمك ولن اتركك هيا نلعب بالكرة معًا