مقالات

حمدي رزق يكتب: درس حميمى من حكيمى

حمدي رزق يكتب: درس حميمى من حكيمى

حمدي رزق يكتب: درس حميمى من حكيمى
حمدي رزق

لفتت العالم بامتياز لقطات مصورة للاعب المغربى «أشرف حكيمى» يقبّل رأس والدته فى مدرج استاد الثمامة القطرى، عقب فوز المنتخب المغربى على نظيره البلجيكى.

صور حميمية من حكيمى تدخل القلب، تحيلك إلى معانٍ جدٍ سامية، قبلة على رأس كل أم تعبت وشقيت لتمنح العالم شابا جميلا مبدعا.. يقينًا، تألُّق حكيمى فى الملاعب سره رضاء والدته، لو تعرفون فضل «بر الوالدين» لقبّلتم الأرض من تحت أقدامهما.

جلست «الأم» البسيطة ملكة فى استاد الثمامة، وفور إعلان الحكم نهاية المباراة، سارع حكيمى (٢٤ سنة) يقبل رأسها ويمنحها قميصه، وهى من دبرت له قميصا يستر بدنه أيام الشقاء.

عظيمة هذه الأم، مثل كل الأمهات، غسلت أحزانه، ورعت طموحاته، وأحاطته بالحنان والرعاية، وملأت أيامه بالسعادة، فصار سعيدا، فحلّق عاليا يركض ودعاء أمه فى ركابه.

ظهير «أسود الأطلس» حكيمى كان حميميًا وهو يغرد عاليًا، وعبر حسابه على «تويتر» نشر صورة من لقائه مع والدته، وعلّق عليها: «أحبك.. أمى».. وتمتمت الأم الطيبة فى سرها، بلسان طيب الذكر «أحمد شفيق كامل»: «الحب كله حبيته فيك الحب كله.. وزمانى كله أنا عيشته ليك زمانى كله».

حساب «الفيفا» باللغة العربية المخصص لكأس العالم علق على صورة حكيمى ووالدته، قائلا: «حماس وأمومة وبُنُوّة وقبلة مغربية فى حب الوطن بعد الانتصار التاريخى أمام بلجيكا».

أشرف حكيمى ووالدته كانا أجمل ما فى المونديال، واستولى الشاب الجميل على قلوبنا، ورسم البهجة فى عيوننا التى اكتحلت بصورة ولا أروع من شاب عربى يلهج لسانه (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (الإسراء /٢٣)».

حكيمى نموذج ومثال على الرقى الإنسانى، يحتذى فى تقبيل الأيادى البيضاء، ومثله يخفضون لهما جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ، ويشكرونهما على حسن صنيعهما.

على محركات البحث الإلكترونية قصص جد مؤلمة لعقوق الأولاد، وفى المحاكم جرائم أسرية يندى لها الجبين، وحكايات محزنة لأولاد فقدوا الحس الإنسانى وظلموا ذوى القربى، وكما قال الشاعر العربى «طرفة بن العبد»: «وَظُلمُ ذَوى القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً / عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ».

فعلها حكيمى ليثير فى النفس حزنا شفيفا على حالنا وحال أبناء جلدتنا، البعض منهم نسى الفضل، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل.

عقوق الوالدين محرّم ومجرّم ووقعه كريه، وتأثيره سالب، يؤلم الآباء والأمهات بقسوة، يجرح.. بيجرح قد ما يجرح ويعطف تانى ويداوى، ليته يعطف دون جرح، ليته يعطف ولا حاجة الدواء، ترياق الجروح عطفة الأبناء.. الابن العطوف نِعمة من عند الله، ومن رزقه الله بولد صالح يدعو له، ملك الدنيا وما فيها وحسن الآخرة.

درس حكيمى قَلّب المواجع الساكنة فى الحشا، حكيمى يقبل الرؤوس مجبورا، وغيره يعض الأيادى مسعورا، يقبل رأس الوالدة بغبطة، وغيره وجهه مسودا وهو كظيم، يبرّ والدته فخورًا بها أمام العالم، وهناك من يتخفّى من أصله وفصله، من والدته فى الطرقات.

حكيمى يمنحها من شهرته.. وللأسف، هناك من يقتر على والديه حتى بصورة تجمعهما، العقوق صار طقسا، مستثنى منه الطيبون أولاد الطيبين، وهم من يحملون آباءهم فوق الرؤوس.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى