مقالات

رسالة من أرض الموت

رسالة من أرض الموت

رسالة من أرض الموت
ارشيفية

كتب/ د. محمد كامل الباز

منذ قديم الأزل والصراع بين الحق والباطل صراعٌ محتدم، طريق الحق بين، كذلك طريق الباطل، صدام متكرر نتيجته متفاوتة، أحياناً ينتصر معسكر الحق وأحياناً أخري تكون الغلبة للباطل فى الدنيا؛

لكن مع طول أمد ذلك الصراع تأكدنا من شيء واحد أن القسمة لن تسع الفريقين ولن يكون هناك حلول وسط أو مسافات متقاربة فإما أن تكون مع حق فى موضع لا يشوبه أى باطلت وإما ان تكون مع الباطل بكل وقاحته وظلمه.

اندهشت فى الفترة الاخيرة وانتابني الكثير من القلق من رأي من يسمونهم المثقفون والنخبة على أحداث غزة والتى بلا شك هي معركة وحرب فاصلة بين حق وباطل، حق يتمثل فى شعب أعزل، هُجر من أرضه ودياره منذ أكثر من سبعين عاما و كيان مغتصب لو تحدثت مع أحد فوق السبعين لاندهش أنه أصبح لهذا الكيان دولة؛

 صراع متشعب يحمل صدام حضارى، ثقافى، انعساني بل وديني، لأنه من يفرغ القضية فى مضمون وطني أو عربي فقد ضل ورب الكعبة، هل يخص الأقصي العرب فقط؟ هل أرض الزيتون تلك الأرض المباركة أرض حكر علي من تكلم لغة الضاد فقط؟، هل بامكانك منع المسلم الهندي أو التركي من اعتزازه بأولي القبلتين وثالث الحرمين؟ 

بالطبع لا فتلك قضية إسلامية ثقافية حضارية انسانية قل ماشئت …. لكني مع وضوح المعركة وجلاء الرؤية ومعرفة أين معسكر الحق وأين فريق الباطل افاجىء بمن هم من بني جلدتنا يهاجمون المقاومة تارة ويسخرون من مهجرى شعبنا الفلسطيني العظيم تارة أخرى، وجدت مفكرين من دول عربية بل إسلامية تلتمس العذر لإسرائيل وتقتنع بأنها رد فعل وتدافع عن نفسها، وجدت أناس تجرى فى عروقهم مياة راكدة يفتقدون النخوة والرجولة لم يعنيهم قتل الأطفال والنساء وكل مايؤرقهم ممارسة حياتهم العادية دون النظر لتلك الدراما الحزينة التى اعتقد أنهم لا يحبون الكلام عنها لأنها تذكرهم بجبنهم وذلهم، وجدت من يجلس تحت التكييف وأمامه مشروبه الذى لن يتنازل عنه يصف المقاومة بالجبناء، وجدت المحلل الاستراتيجى الذي لا يتحمل قيادة سيارة مانويال كي لا تتعب قدماه يصف المقاومة بالجبناء، وجدت مناضل تنويرى قام بالكثير من المعارك على مختلف الجبهات من أهمها معركته ضد الحجاب وشرع الله يصف المقاومة بالعملاء، لم يتوقف الأمر فى التنظير عند النخبة وبعض الإعلاميين والتنويريين ولكني وجدت علماء من بعض الدول تتهم المقاومة أنها من أشعلت فتيل الحرب، وأنها مسئولة عن دم الشهداء، وجدت رجال دين يقيمون الصلاة والعبادات آناء الليل وأطراف النهار يتحزلقون ويفتون بأنه لا فائدة مما حدث وأن المقاومة آثمة، وجدت منهم من يصلي كل الفروض أمام الحرم ومنهم من يفتي للناس من داخل المسجد النبوي يتهكم على مجهود المناضلين ويتهمهم بالغوغاء وهؤلاء العلماء هم من اخاطبهم وأوجه النداء لهم إذ أن البعض من المتنورين والنخبة لن يفهم لغتي وسيبدو الأمر لهم اني اتحدث الهيروغليفية؛

أؤكد للعلماء الاجلاء والذي منهم الكثير من علمنا وعرفنا قواعد الفقه و الشرع، أن هؤلاء المقاومة يدافعوا عن هوية ومقدسات أكثر من اتنين مليار مسلم، اؤكد لهم أن هؤلاء الملثمون هم فى ذروة سنام الإسلام وقد اوكلهم الله ليقفوا حائط صد ضد هؤلاء اللصوص الذين لن يفرغوا من غزة إلا وسال لعابهم عن الفريسة التالية لهم،

 اؤكد لكم يا علمائي الأعزاء أنه لا يجوز للقاعد أن يفتي للمجاهد وأن كل صلاوتكم وخشوعكم وتضرعاتكم وأنتم آمنين مطمئنين تأكلون مليء بطونكم و تنامون مليء أعينكم بل وتضحكون مليء افواهكم، تلعبون مع أولادكم.. كل هذا يا سادتى لا يأتي فى شعرة رجل ملثم وقف على ثغر من ثغور فلسطين او رابط عند جدار من مقدسات المسلمين، 

اؤكد لكم أن طلقة مدفع أو صوت دانة لهؤلاء الأبطال هى ابرك وأفضل من كل الدمعات التى تذرفها فى عبادتك وأنت أمن مطمئن لا تخشي شيء، كل هذا لا يساوي إحساس أسد من هؤلاء الأسود يضع نفسه أمام أقوي ترسانه عسكرية تحكمت بمصير الدول وفرضت سيادتها على العالم،  

فى النهاية يا علماؤنا وسادتنا مما يقلل من المقاومة أوضح لكم أن هذا الفضل لهؤلاء الأبطال ليست من عندي بل منذ القدم والقول ليس قولي بل هو قول السابقين الاكرمين وبالطبع لن أتحدث أفضل من حديث عبدالله بن المبارك عندما كان فى ساحات الوغى وأرسل مخاطباً الفضيل بن عياض الذي كان فى أرض العبادة والتقي حيث قال

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا … لعلمت أنك فى العبادة تلعبُ

من كان يخضب خده بدموعه … فنحورنا بدماءنا تخضبُ

أو كان يتعب خيله فى باطلٍ … فخيولنا يوم الصبيحة تتعبُ

ريح العبير لكم ونحنُ … عبيرنا وهج السنابك والغبار الأطيبُ

ولقد آتانا من فعال نبينا … قول صحيح صادق لا يكذبُ

لا يستوى غبار خيل الله … فى أنف امرئ ودخان نارٍ تلهب

وهذا كتاب الله ينطق بيننا …

 ليس الشهيد بميت لا يكذبُ

ليس الشهيد بميت لا يكذبُ 

د/ محمد كامل الباز

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى