حمدي رزق يكتب: «التجارة السياسية» بقرارات العفو الرئاسية!!
يلزم الاحتفاء بمتوالية قرارات العفو الرئاسى، مثل هذه اللفتات الرئاسية الطيبة ترطب الأجواء، شهيق من هواء نقى، تُريح الأعصاب المشدودة، وتُشيع تفاؤلًا، وتدفع بعربة «الحوار الوطنى» إلى الأمام بقوة دفع وطنية.
وهل من مزيد. مشكورة الاستجابات الرئاسية وفق المراجعات العدلية والأمنية، وأقواس الحريات مفتوحة، والمطالبات فى حدها الأقصى طمعًا فى الإفراج عن كل مَن لم يحمل سلاحًا، ومَن لم تتلوث يداه بالدماء، ولم ينتمِ يومًا إلى الجماعة الإرهابية.
لجنة «العفو الرئاسى» فى تشكيلها الجديد تجتهد فى نظر الملفات المؤجَّلة.. جميعًا، مفروض دون تقديم أو تفضيل أسماء على أسماء، الكل سواء، أو هكذا أتوقع، الحيادية التامة من وجهاء اللجنة.
ليس عادلًا أن يظل أحدهم يمضى أيامه فى السجون محرومًا من حياته ومستقبله لأنه يفتقر إلى مطالبات بالإفراج عنه، أو يتذكره أحد، فقط لأن «لوبيات الضغط السياسى» نسيته، سقط سهوًا!!.
وراء القضبان مَن فقد الأمل فى ورود اسمه فى قرارات العفو، ويمضى أيامه يلعق مرارة الصبار، وكأنه مقطوع من شجرة، لا وراءه حزب يطالب بحريته ولا جماعة تدعمه، ولا شِلّة تغرد عليه، وإذا ذُكر اسمه ضمن المطالبات فعلى خجل، من باب ذر الرماد فى العيون!.
أصحاب الصوت العالى لم يتركوا فسحة حرية لـ«المنسيين»، ربما لأن هؤلاء صوتهم خفيض، وليسوا مفروضين ولا مطروحين فى النقاش العام، ولو حدث أن ذُكرت أسماؤهم فعرضًا «كِمَالة عدد».
أخشى أن البعض صار نَسْيًا منسِيًّا، ولافت أن قرار نهاية الأسبوع الماضى بالإفراج عن (٣٣ من المساجين العاديين)، ممن يفتقرون إلى ظهير سياسى، و«اللى مالوش ضهر الرئاسة ضهره».
دومًا كنت أتصعّب من الصعبانية المريرة، وأردد مع الطيبين قليل البخت ينسوه فى العفو، مطالبات الإفراجات على طولها وملاحقها كانت تخلو من أسماء العاديين، ولا أى انزعاج أو قلق أو صعبانيات من جوقة الدمع الهتون.
كنت أتابع المطالبات بالإفراج عن المسجونين، فتصدمنى الانتقائية السياسية، حتى فى الحرية، يطالبون فحسب بالإفراج عن الأصدقاء فى الحزب والشلة فى الجماعة.. فقط لا غير، ومستوجب أن تكون المطالبات «عامة ومجردة» ليست تفضيلًا ولا تفصيلًا.
وتحسُّبًا لا أكثر، أرجو ألّا تنْجَرَّ «لجنة العفو الرئاسى» وتميل حزبيًّا أو قلبيًّا فتنحرف عن رسالتها، وتشهل من التشهيلات الحزبية الأمانة المؤتمَنة عليها لصالح أسماء مُفضَّلة سياسيًّا، وتلبية لأغراض حزبية ضيقة، وتتجاهل قاعدة ياما فى السجن مظاليم، سيكون الظلم بعينه أن تُسند إليك الأمانة فتنتقى سياسيًّا!!.
إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ، هذا ليس تشكيكًا فى الذمم لا سمح الله، أو مصادرة على المطلوب، ولا تأميمًا لأعمال اللجنة، بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى، قبلًا المطالبات كانت تفضيلية، كل حزب يقدم شبابه على غيرهم، ويُقصر مطالباته عليهم، ولا يلقى بالًا ببقية المساجين، رغم أن غنوة المساجين لكل المساجين.
أراهن بصدق وبيقين على أريحية الرئيس السيسى والأجهزة المعنية (عدلية وأمنية) أن يشمل الجميع بعطفه، ويعفو عنهم جميعًا، بقرار رئاسى لا يرتهن بمطالبات تمييزية، وتفضيلية، جميعًا دون تفرقة، وحتى لا يتاجر البعض بالإفراجات سياسيًّا، ويزعم ضغطًا وتأثيرًا، وهذا من قبيل الكذب السياسى المفضوح!.