مال واعمالمقالات

دينا شرف الدين تكتب: ما بين أزمة “الضمير و الدولار “

دينا شرف الدين تكتب: ما بين أزمة “الضمير و الدولار “

دينا شرف الدين تكتب: ما بين أزمة "الضمير و الدولار "
دينا شرف الدين

لا أعلم أيهما أشد قسوة من الآخر ، هل أتوقف عند أزمة الإرتفاع المتتالي للدولار و الذي بناء عليه و بشكل فوري دون انتظار يجن جنون الأسعار بمنطق و دون منطق ،

أم أن أزمة الضمائر و مواتها الذي بات سمة من سمات هذا العصر هو الأدهي و الأمر ، فما أن تشير الأوضاع أن هناك موجة قادمة لإرتفاع سعر الدولار بمقابل الجنية إلا و يتسارع المتسارعون برفع كافة الأسعار لكافة السلع بشكل استباقي قبل أن يحدث هذا الإرتفاع ، و كأنها مباراة تنافسية يسعي للفوز بها من يسبق بخطوة و إن كانت هذه الخطوة فوق رقاب الناس و علي حساب المزيد من معاناتهم التي لم تعد تحتمل ،

فكما نعلم جميعاً أن العالم أجمع يعاني ويلات الحرب الروسية الأوكرانية و التي لم تمهل الأرض وقتاً كافياً لإلتقاط الأنفاس بعد تبعات أزمة الكورونا .

و أن الأحوال الإقتصادية قد تضررت لدي الجميع علي حد سواء ، و أن الأسعار بمختلف دول العالم الغني منها و الفقير قد قفزت قفزات جنونية لتتضاعف عدة مرات بغضون أشهر قليلة دون تغير بمستويات دخل الفرد ، ما تسبب بأزمة معيشية نالت من الجميع ، 

و لكن:

ما أكثر هؤلاء الذين تتأجج مشاعر سعادتهم و تطول ساعات حظهم عندما تشتد الأزمات ، هؤلاء الذين لا يهتز لهم طرف و لا يتأرق لهم ضمير عندما يعاني غيرهم بل يتمنون المزيد لطالما كانت لهم منفعة و ضربة حظ و فرصة لن تعوض للإستغلال و المنفعة.

فكما نعلم و ترددت علي مسامعنا مصطلحات “كأغنياء الحروب” ، 

هؤلاء الذين كانوا يتصيدون الفرص بأوقات الحرب بكل زمان و مكان تلك التي تشح بها السلع الأساسية و تحديداً المواد الغذائية ،

 فيتاجر هؤلاء الذين تجردت مشاعرهم من الرحمة و نفوسهم من الإنسانية ليكدسوا تلك السلع و يحجبونها كلما اشتدت حاجة الناس إليها ، ليخرجوها أو القليل منها بأسعار غير منطقية متأكدين أنه لا بديل أمام الناس عن الدفع رغماً عنهم ، متجاهلين أنات و دعوات هؤلاء التي تخرج من قلوبهم الموجعة ، لتتكدس ثرواتهم و يتحولوا لأغنياء دون سبب حقيقي لهذا الغني سوي الإصطياد بالماء العكر ،

و ها هو التاريخ يعيد نفسه بشكل أو بآخر ، ليثبت لنا أن مثل هؤلاء الذين كانوا يسمون بأغنياء الحرب هم أنفسهم من يتاجرون بالأزمات و يسنون أسنانهم عندما تلوح بوادر أية أزمة و إن كانت بعيدة عنهم كل البعد .

فبمجرد أن شم هؤلاء رائحة بوادر الحرب بين روسيا و أوكرانيا ، قاموا برد فعل جنوني كما لو كانت هذه الحرب علي أرضنا ، و حتي قبل أن تتضح تأثيراتها الإقتصادية التي لابد منها ، و تربص كل منهم ليقتنص الفرصة ضارباً عرض الحائط بكل شئ.

 و في حين تكثف الأجهزة الرقابية الحملات على الأسواق للتأكد من جودة المنتجات المطروحة في ظل وجود مخزون استراتيجي من كافة السلع الغذائية تكفى احتياجات المواطنين لفترات طويلة، إضافة إلي المادة 8 من قانون حماية المستهلك الخاص بحظر حبس المنتجات الاستراتيجية المعدة للبيع عن التداول بإخفائها أو عدم طرحها للبيع أو الامتناع عن بيعها أو بأي صور أخرى.

 نقرأً يومياً خبر القبض علي عشرات التجار الذين يخفون السلع و يخزننونها تمهيداً لمضاعفة أسعارها عندما تتهئ الظروف

 إذ اعتبرت الحكومة عقوبة التاجر حاجب السلع قضية أمن دولة عليا .

إذن:

عليك عزيزى المستهلك أن تتصدى بقوة لكل من يستغل حاجتك ويتلاعب بقوت أولادك، ويكدس مزيداً من المكاسب على حساب معاناتك التى لا يقيم لها أى وزن، حتى وإن كنت مقتدراً مادياً لا يضيرك ما يحدث فى مثل تلك المناسبات من ارتفاع غير منطقى لأسعار أى شىء يقبل عليه المستهلك، فلم لا تفكر بأخيك المتضرر الذى لا يقو على تحمل هذا الجنون الناتج عن جشع هؤلاء والذى قد تحوله تلك الفروق بالأسعار من متحمل لها بالكاد إلى آخر بحق محتاج.

وفى النهاية لا يسع هذا أو ذاك سوى المزيد من العويل والشكوى غير المنقطعة من عدم حماية الدولة له وعدم فعالية جهاز حماية المستهلك.

 فعليك أن تبدأ بنفسك، فتحاسبها على سلبيتها وتواكلها، هل تنتظر أن يحميك جهاز حماية المستهلك دون أن تتعاون معه وتدله على هذا الذى يستغلك؟ 

هل فكر أحد منا أن يبلغ عن كل من يغالى بالأسعار يوميا دون أدنى منطق من خلال الأرقام التى نراها على شاشات التليفزيون باستمرار؟

 نحن شعب مستهلك بطبعه دائم الشكوى، ساكت عن الحق، مُفرّط فى حقه وحق وطنه عليه، فإن قام كل مواطن بدوره فى محاربة الفساد والإبلاغ عن اللصوص والمفسدين ستتمكن الدولة من قطع مسافات طويلة جداً فى سبيل القضاء عليهم.

 عزيزى المصرى الغاضب لا تنتظر أن يحميك جهاز حماية المستهلك، فعليك تسبقه بخطوة لتحمى نفسك ووطنك بنفسك.

نهاية:

فقد فاقت أزمة الضمير و مواته أزمة الدولار و كافة تبعاته.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى