مقالات

رمضان شهر الرضى والغفران بقلم: د. ماهر جبر 

رمضان شهر الرضى والغفران بقلم: د. ماهر جبر 

رمضان شهر الرضى والغفران بقلم: د. ماهر جبر 
د. ماهر جبر

أصل كلمة رمضان من رمَض وتعني شدة الحر، حيث سماه العرب بهذا الاسم أول مرة لمجيئه في ذلك الوقت في ساعات شديدة الحرارة.

يقول الله تعالى كل عمل ابن آدم له الا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، ذلك أن للصوم علاقة وثيقة بالصبر فالصائمون صابرون، صائمون عن الشهوات، لا يرون الله لكنهم يعلمون ويعتنقون رؤية الله لهم، فيمتنعون عن الطعام والشراب، وعن باقي الشهوات نهار رمضان، كما يصبرون كذلك على الطاعات الأخرى من كثرة صلاة وكثرة تلاوة للقرآن الكريم، فكان حقاً على الله أن يخصهم بباب في الجنة لا يدخل منه الا الصائمون. 

كما اختص الله شهر رمضان بالانتصارات ورفع راية الاسلام عالية خفاقة، والمعارك الاسلامية التي وقعت أحداثها في شهر رمضان كثيرة، قادها رجال دستورهم القرآن وقائدهم ونبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، ودرعهم وسلاحهم رياح الجنة التي تهب عليهم فترغبهم في الشهادة كي توهب لهم الحياة مرات كثيرة، وعند من؟ عند خالقهم في جنة رضوان في مقعد صدق عند مليك مقتدر، أليس الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، يسرحون في الجنة حيث لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

ومن المعارك التي حدثت في رمضان،غزوة بدر الكبرى في السابع عشر من رمضان سنة 2 هجرية، فكانت أول نصر للمسلمين رغم قلة عددهم على صناديد قريش، كذك فتح مكة في سنة 8 هجرية، حيث دخل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة فاتحين معتبرين ذلك يوم الفتح الأعظم، فجاء الحق وزهق الباطل، معركة القادسية في السنة الخامسة عشر للهجرة قاد الجنود فيها خال الرسول صلى الله عليه وسلم، سعد بن أبي وقاص، كذلك فتح الاندلس في رمضان 92 هجرية، ثم معركة الزلاقة 479 هجرية بين المسلمين يقودهم أمير المرابطين يوسف بن تاشفين وجيوش الفرنجة، من المعارك التي حدثت في رمضان كذلك معركة عين جالوت 685 بقيادة سلطان المسلمين العظيم سيف الدين قطز، موقعة حطين وقائدها صلاح الدين الأيوبي 584، معركة بلاط الشهداء بقيادة عبد الرحمن الغافقي 114 هجرية، فتح عمورية في تركيا حيث الصيحة الشهيرة للمرأة المسلمة واامعتصماه سنة 223، وأخيراً اكتوبر المجيدة 1973، فالجنود صائمون ذاكرون يحملون السلاح في يدهم والله في صدورهم وقلوبهم فكان النصر المؤزر، نعم مؤزر فقد نزلت الملائكة تؤازرهم وتثبتهم فأبلوا بلاءًعظيماً وكان النصر رفيقهم ورفع راية الاسلام دينهم وديدنهم.

اذاً فشهر رمضان لم يكن أبداً شهر كسل وركون للراحة بدعوى الصيام، لكنه شهر جهاد للعدو وان لم تكن هناك حروب مع أعداء الاسلام، فهو جهاد مع النفس الأمارة بالسوء وذلك الجهاد الأعظم. 

عادات كثيرة اقترنت بالشهر الكريم ورثها المصريون عن الفاطميين كاحتفالهم برؤية الهلال، وزفة الخليفة حيث يمتطي الحاكم صهوة جواده ومن حوله كبار اعيان الأمة ليطوفوا شوارع القاهرة، ثم يعودون الى القلعة مرة أخرى وهي مقر الحاكم، وتسير على نهج قريب من ذلك كل المدن والقرى، وسواء تعلقت هذه العادات بالطعام كالكنافة والقطائف وغيرها، أو عادات أخرى كفانوس رمضان والمسحراتي والتي مازالت مستمرة حتى الآن.

أيضاً فقد ارتبطت الاذاعة المصرية منذ انشاءها في عام 1934 بشهر رمضان فأبدع مشاهير قراء القرآن الكريم، واشتهر فن الانشاد الديني، وزاع صيت المبتهلين خاصة في صلاة الفجر، كما أبدع المطربون والشعراء في الأغاني التي تنبئنا بمجيء الشهر الكريم، والتي ارتبطت به وأصبحت فيما بعد وبمجرد سماعها تشعرنا باقترابه، لكن لو سأل كلاً منا نفسه، هل شعورك برمضان فيما قبل كشعورك به الآن؟ أعتقد هناك فرق كبير لا نجد له تفسيراً. 

رمضان شهر الخيرات وشهر تصفد فيه الشياطين، وتنزع من النفس كل الشهوات، اقترب رمضان فيا باغي الخير اقبل، ويا باغي الشر أقصر.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى