مقالات

العارف بالله طلعت يكتب: معمرون على أرض سلطنة عمان(الحلقة الثانية)

العارف بالله طلعت يكتب: معمرون على أرض سلطنة عمان(الحلقة الثانية)

العارف بالله طلعت يكتب: معمرون على أرض سلطنة عمان(الحلقة الثانية)
سالم بن سليم البطاشي

من داخل قرية (إحدى)  من قرى وادي الطائيين الواقعة بشرقية عمان بين جبال شماء تمتاز بصفاء الجو والطقس اللطيف وطهارة البيئة تتخللها أودية وجبال وعيون متدفقة بالمياه ترى بها بساتين النخيل والأشجار المثمرة كان لنا لقاء مع سالم بن سليم بن خصيف البطاشي الذي يبلغ من العمر 130 عاما لم يلعن الدهر ولم يندب حظه لكنه مفعم بالأمل مطمئن بإيمان الله سبحانه وتعالى مزود بالعزيمة .

العارف بالله طلعت يكتب: معمرون على أرض سلطنة عمان(الحلقة الثانية)
سالم بن سليم البطاشي

وفي أطار هذا كان لنا الحوار التالي :

استهل سالم بن سليم البطاشي حديثه قائلا: بدأت رحلتي بالعمل كمزارع منذ عشرات السنين حيث كانت البداية صعبة في ذلك الوقت لصعوبة المواصلات حيث وجدنا أنفسنا في ذلك الوقت أمام تحد كبير ولقمة العيش أجبرتنا عليه والحمد لله صبرنا واستطعنا التغلب على تلك الظروف بالعزيمة والإرادة والإصرار . 

تزوجت على مدار عمري مرتين (الزوجة الأولى) توفت منذ عشرات السنيين أما( الزوجة الثانية )تم طلاقها وكانت بنت عمى .وأتذكر وفاة والدي منذ 60 عام .

فوجودي بقريتي (إحدى ) خلق لدي نوع من الألفة والعشق لهذا المكان فالذكريات جميلة دائما أينما يحل الإنسان وتبقى رسما جميل في خياله يسترجعها كلما احتاج لها .ومازلت أحفظ أجزاء من القرآن الكريم واداوم على الصلاة في أوقاتها. 

وما أتذكره أيضا وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر في بداية السبعينات وكنت حزين جدا على رحيله  وكنت في ذلك الوقت أعمل في دولة البحرين .

العارف بالله طلعت يكتب: معمرون على أرض سلطنة عمان(الحلقة الثانية)
سالم بن سليم البطاشي

و من أحب المأكولات إلى قلبي التمر والقهوة والفاكهة والأسماك .

وعن البرنامج اليومي  لحياتنا في ذلك الوقت يقول :بعد تناول الإفطار في الصباح الباكر ننطلق إلى حيث مواقع العمل سواء في أملاكهم ومزارعهم  أو للعمل مع الآخرين وتستمر فترة العمل الأولى إلى حوالي الساعة العاشرة بالتوقيت الحالي يتم بعد ذلك أخذ قسط من الراحة لتناول القهوة بالرطب أو التمر والفاكهة ويستمر بعد ذلك العمل إلى قبيل صلاة الظهر وتسمى فترة العمل الرسمية التي تنتهي رسميا قبل صلاة الظهر بقليل وعليها يقاس الأجر اليومي للعمل ويختلف الأجر باختلاف نوع العمل وصعوبته بعد ذلك يتوجه الجميع لتناول وجبة الغذاء والقيلولة وتبادل الزيارات ثم الذهاب إلى المجالس العامة ومواقع النسيج وحضور حلقات العلم .

العارف بالله طلعت يكتب: معمرون على أرض سلطنة عمان(الحلقة الثانية)
سالم بن سليم البطاشي 

موارد طيبة

وأضاف محدثي قائلا: نود أن نشير بكل اهتمام إلي ضرورة إقبال المواطن العماني على المهن التقليدية  من خلال القرية التراثية التي قام عليها مجتمعنا قديما لما لها أهمية قصوى في تنمية اقتصاديات البلاد  وموارد طيبة أنعم الله بها علينا .  

وجدير بالذكر يعتبر الحفر على الخشب في عمان حفرا بديعا ويعتبر لمسة أساسية في كل مدينة وقرية بالسلطنة .

حيث اشتهرت عمان منذ أقدم العصور باستخراج معدن النحاس والحديد والفضة حتى عرفت بأرض النحاس وترجع الدراسات الحديثة أن عمان هي المقصودة باسم ( ماجان ) الذي أطلقه السومريون القدامى على البلاد التي يجلبون منها النحاس .وقد اشتهرت المصنوعات النحاسية العمانية بدقة صناعتها وجمال أشكالها  وتناسق أجزائها وقد استخدمت المنتجات النحاسية في كثير من الأدوات وبخاصة المنزلية كالمباخر والطشوت والأباريق والدليل والمراجل والمغاريف والملاعق   .والقرية التراثية  تعتبر من أهم الروافد التراثية المستوحاة من واقع طبيعة عمان وتعد ركيزة أساسية في المجتمع العماني. .والعمانيون منذ القدم  عرفوا صناعة الغزل والنسيج لوفرة الخامات الطبيعية وسخر المواطن استخدامها في صناعات متعددة مثل السيح والمناسيل ملحقات الزينة والحقائب .وتتميز هذه الصناعة عن غيرها بمزاولتها في معظم مناطق السلطنة وتعد سوقا نشطة وعائدا اقتصاديا مربحا للأسر المنتجة ويعود الإقبال المتزايد لجمال المنتجات وتناسق ألوانها وتعبير أشكالها من وحي البيئة العمانية .والعمل على عناية الحرف الوطنية التقليدية والحفاظ عليها .والصناعات اليدوية من الحرف التي ارتبطت بالإنسان العماني ارتباطا وثيقا واستعملها في حفظ وتخزين المواد الغذائية في المناطق البدوية بما يتناسب متطلبات الاحتياجات اليومية .والقرية التراثية تعتبر من المهارات القديمة التي تنتقل بشكل معتاد من الأب للابن ومن الأم للبنت وهي رمزا للتراث القديم للسلطنة وهويتها الثقافية .   

العارف بالله طلعت يكتب: معمرون على أرض سلطنة عمان(الحلقة الثانية)
سالم بن سليم البطاشي

الحصون والأبراج

ويتحدث عن طبيعة الولاية ومعالمها السياحية التي يقطنها منذ عشرات السنيين  قائلا : ولاية دماء والطائيين تقع في سلسلة جبال الحجر الشرقي وهى  إحدى ولايات المنطقة الشرقية شمال حيث تجدها عدة ولايات من الغرب ولايتي ( بدبد والمضيبي ) ومن الجنوب ولايتي ( إبراء والقابل ) ومن الشرق ( صور وقريات ) ومن الشمال ولاية ( العامرات ) بمحافظة مسقط .وتتميز الولاية بحلول فصلين في السنة كمعظم ولايات السلطنة فصل الصيف وهو شديد الحرارة لقرب الولاية من محافظة مسقط مما يجعل تباشير القيظ مبكرا(النخيل ) في هذه الولاية وفصل الشتاء وهو شديد البرودة والجفاف لما تحتويها هذه الولاية من سلاسل جبلية مرتفعة خاصة سلسلة جبال الحجر الشرقي ( الجبل الأبيض ) وتسمية وادي الطائيين بهذا الاسم جاء بعد انهيار سد مأرب باليمن وخرجت القبائل أثر ذلك فجاءت قبائل( طي )وهي من ضمن القبائل القحطانية نزلت بوادي سمائل وخرجت من إلى هذا الوادي واستوطنه كمقرلها ولذلك أطلق على هذا الوادي اسم (وادي الطائيين ) نسبة إلى قبائل ( طي). 

وفي جانب المعالم التاريخية والأثرية توجد العديد من الحصون والأبراج والمساجد القديمة مثل حصن بلدة الحمام بلدة الخبة بلدة الحصن و80 برجا تنتشر في مختلف أنحاء الولاية .وتحتل زراعة النخيل بمختلف أنواعها المرتبة الأولي التي يعتمد عليها أهالي الولاية وخاصة نخلة النغال التي يسوق منها الرطب عند التباشير مقابل بيعه بمبالغ مرتفعة كمورد رزق للأهالي كما يقوم الفلاحون والتجار بغلي ثمار نخلة المبسلي  ( البسر ) المسمى بداية ( الفاغور ) حيث يتم تصديره بعد جفافه كمصدر رزق آخر . كما يقوم البعض بتربية خلايا النحل  ومنهم من يجمع الدبس ( عسل التمر ) من التمور . كما يهتم أهالي الولاية بتربية الإبل ورعى الأغنام والماعز والأبقار .كما يوجد في جبال الوادي حيوان الغزال والثعلب والأرنب البري حيوان الوعل والقنفد .

ومن المهن والحرف التقليدية التي يمارسها أهالي ولاية دماء والطائيين   مهن صناعة السعفيات والتي تشمل السفة والظروف والتربيعية  والقفير والسمة وحبال السرود والليف والطلوع والمخرافة والحدرة والجبة والعزاف والثيجان والزبيل .ومن مهن النساء القائمة حاليا صناعة البخور التقليدي والخياطة وتطريز الملابس والمغزل وصناعة الشوت وطحن الحبوب وتربية الماشية بجانب أعمال المنزل  ومن الصناعات القائمة صناعة الحلوى العمانية وصناعة الفضيات والصياغة الخالدة والحدادة كتطويق الحديد وطرقه صناعة النجارة و القماطة والحجامة والحلاقة والشمارة والقصابة .ومن أشهر الألعاب الشعبية بالولاية لعبة الثلج ولعبة التوفة ولعبة الكودية ( الصولة ) ومسابقة الالغاز ولعبة المرجحانة .كما يستعان بفرق من الفنون الشعبية في الأعياد والمناسبات ومن فنون الرجال فن الميدان والمحاورة أما فنون النساء زفة العروس وفن التعويب الذي يستخدم عند رعي وسرح الأغنام .ومن أشهر الأماكن السياحية بالولاية (وادي الطائيين ). و( وادي دماء)الذي يعتبر واحة غناء بجماله الذي يضفي عليه طابعا سياحيا يتميز به وأهم معالمه السياحية منتزه ( سيناء ) الطبيعي .

وولاية دماء والطائيين أشبه بالمحمية الطبيعية للنخيل والأشجار التي تصافح الزائر فهي روضة غناء نظرا لوفرة مياهها .وأودية ولاية دماء والطائين تسير في اتجاه واحد وتلتقي جميعا في وادي ضيقة الذي ينتهي في ولاية قريات ولذلك فإن الوقوف عند بدايات وادي ضيقة  نهر جار خصب بالماء فجمال المكان يغري بالتجول فيه والدخول في مغامرة معه بين الجبال لعناق الطبيعة أما داخل الولاية فيمكن للزائر أن يقف عند بعض تلك العيون الجوفية الأفلاج التي تنبع من بين الصخور من بينها عيون المر والسخنة وعجماء والعجف والمدبغة وتماه ومقطع والزرقاء ومن بين أفلاجها العين والعقداني وقر وبها بعض المتنزهات الطبيعية مثل منتزه سموط وسيجاء في نيابة دماء .

زر الذهاب إلى الأعلى