“أطفال الشوارع” قنبلة موقوتة ومأساة حضارية
تحقيق: العارف بالله طلعت
ظاهرة أطفال الشوارع تفشت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة بداية من ثمانينيات القرن الماضي، كأنعكاس للتطورات الاقتصادية التي شهدتها البلاد آنذاك، والتي تفاقمت في ظلها الأمراض الاجتماعية المعروفة، مضافاً إليها زيادة نسب البطالة، واتساع مسببات التفكك الأسري وفى أطار هذا الموضوع كان لنا التحقيق التالى :
فى البداية تقول الدكتورة فتحية الحنفى أستاذة الفقه المتفرغ بجامعة الأزهر : (أطفال الشوارع) هم أطفال بلا ماوي وهم تحت سن ١٦ عام أو ١٨ ،وهؤلاء منهم من يفترش الأرصفة أو تحت الكباري ويتخذون التسول مهنة لهم أو بواسطة ايدي اخري تقهرهم لهذه المهنة ، أو أن هؤلاء يلجأون إلى المخدرات وترويجها ، أو أي أعمال أخرى كالخطف والاختلاس إلى غير ذلك مما يهدد الأمن المجتمعي ، وهؤلاء فعلا قنبلة موقوتة تؤثر سلبًا على الشكل الحضاري للدولة والسبب الرئيسي وراء افراز هذه الفئة يعود أكثرها إلى القهر الأسري والخلافات بين الزوجين والإنحلال الأخلاقي وكثرة حالات الطلاق والدولة بكافة مؤسسات لم تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذه الفئة التي تمثل تقريبا ١٦ ألف بل عملت جاهدة على القضاء، على هذه الظاهرة التي تؤثر على الشكل الحضاري للدولة ، وذلك بالحاقهم بدور الرعاية الاجتماعية التي تقوم بدورها بالحاقهم بالتعليم وتعليمهم المهن التي تجعل منهم شباب نافع لوطنه، وليس أدل علي ذلك مما قام به المايسترو سليم سحاب وكيف خلق منهم شباب نافع يخدم نفسه ووطنه وكم أتمنى من جميع مؤسسات الدولة أن نتكاتف في كافة المحافظات أن نتكاتف للقضاء على ظاهرة التسول التي يمثل أكثرها أطفال الشوارع وذلك للشكل الحضاري للدولة.
قنبلة موقوتة
وأوضح الدكتور سيد حجاج دكتور القانون العام المحاضر بالجامعات المصرية قائلا: تفاقمت في الآونة الأخيرة بشكل كبير ظاهرة أطفال الشوارع فأضحت ظاهرة جديرة بالاهتمام، خاصة في الدول التي تعانى أكثر من غيرها من تلك الإشكالية ، لما يترتب عليها من مشاكل أخرى تؤثر على المجتمع (قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار..) .فقد يصبح طفل الشارع نبته إرهاب جديدة، نتيجة حرمانه من إشباع حاجاته النفسية والاجتماعية، ولعيشه تحت ظروف الإهمال واللامبالاة وسط بيئة الشارع غير المنضبط تربويًا .واهتمت الأمم المتحدة اهتمامًا بالغًا بتلك القضية ، وقد اتفقت الدراسات الحديثة مع دراسات سابقة في تحديد أسبابها الرئيسية التي حصرتها في الفقر وارتفاع عدد أفراد الأسر وضعف التعليم وغياب الدور المؤثر للأب في الأسرة وانفصال الوالدين . فقد كفل دستور 2014 الحماية الدستورية والقانونية لحقوق الطفل في نص المادة (80)يعد طفلًا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ولكل طفل الحق في أسم وأوراق ثبوتية، وتطعيم إجباري مجاني، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة، وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية.وتكفل الدولة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم في المجتمع. وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري.لكل طفل الحق في التعليم المبكر في مركز للطفولة حتى السادسة من عمره، ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسي، كما يحظر تشغيله في الأعمال التي تعرضه للخطر. وللقضاء على ظاهرة أطفال الشوارع، يجب إنشاء دار رعاية لتدريب وتأهيل هذه الأطفال ، تحت رعاية وزارة التضامن والشئون الاجتماعية وغيرها ، على أن يتولى تدريبهم ، متطوعين من أبناء الشعب المصري من مختلف المجالات ذوى الخبرة ، بما يكسبهم مهارة ويعزز انتماءهم الوطني وتأهيلهم لأعمال حرفية تكون مصدر لرزقهم ، و يمكن الاستفادة من قدراتهم بشكل إيجابي، للمساعدة في تنمية المجتمع.
التفكك الأسرى
ويقول لواء دكتور أيمن رمضان الزيني الخبير الأمني والاستراتيجي مما لا شك فيه أن الأطفال هم من أهم اللبنات التي يقوم عليها الوجود البشري ، فهم محط الآمال ومعقد الرجاء ، بأعتبارهم شباب وشابات المستقبل ورجال وأمهات الغد ، عليهم تراهن الشعوب في تحقيق أمانيها وتأصيل كرامتها وبناء أسس الحرية والعدالة والسلم في المجتمعات. وظاهرة أطفال الشوارع واحدة من أخطر الظواهر تهديداً ومساساً بأقتصاد الدول وأمنها القومي. وللأسف فأن ظاهرة أطفال الشوارع تفشت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة بداية من ثمانينيات القرن الماضي، كأنعكاس للتطورات الاقتصادية التي شهدتها البلاد آنذاك، والتي تفاقمت في ظلها الأمراض الاجتماعية المعروفة، مضافاً إليها زيادة نسب البطالة، واتساع مسبِّبات التفكك الأسرى.
ويطالب لواء دكتور أيمن الزيني الخبير الأمني فى تشخيص وعلاج ظاهرة أطفال الشوارع وتستلزم الفهم الجدي والعميق لها ووضع الخطط والوسائل الفاعلة لعلاجها ، وتضافر الجهود من أجل الحد أو على الأقل التخفيف منها والسيطرة عليها. ومن هذه الأساليب والوسائل توفير نظام اجتماعي يهتم بتفعيل الية لرصد أطفال الشوارع المعرضين للخطر . وإنشاء مؤسسات اجتماعية، تهتم بالتدخل المبكر لحماية الأطفال وأسرهم من التعرض لأنماط سلوكيات العنف والاستغلال المختلفة.وتطوير برامج مكافحة الفقر، وزيادة أعداد مكاتب الاستشارات الأسرية، وتفعيل دورها وتحسينها.وانشاء وتطوير مراكز لتأهيل أطفال الشوارع نفسياً ومهنياً.وتفعيل دور الاعلام بوسائله المختلفة، لزيادة وعي المجتمع وتوعية الرأي العام حول هذه الظاهرة وأهمية مكافحتها.وتكليف أخصائيين اجتماعيين، للعناية بأطفال الشوارع ومناقشة مشاكلهم ومساعدتهم في وضع حلول لها .ودمج أطفال الشوارع مع غيرهم من ابناء المجتمع ، لتجنيبهم الشعور بالدونية والتهميش .والعمل على إجراء دراسات عميقة وموسعة لأستقصاء مكامن الظاهرة، باستجلاء أبعادها وآثارها وتحديد معدلات انتشارها. واعفاء الأسر الفقيرة من الرسوم والمصاريف وتمكينها من لوازم الدراسة والتشدد في تطبيق إلزامية التعليم وسد منافذ التسرب الدراسي.