بَطَلةُ الحِكاية

بقلم / نرمين بهنسي
لم يكن الطريقُ سهلاً، ولم يكن يشبه الطرق المعتادة التي نعرفها. كان مليئًا بالمنعطفات الحادة، بالصعود الشاق، باللحظات التي يتسرب فيها التعب إلى الروح قبل الجسد. لكنه كان طريقًا لا خيار فيه إلا الاستمرار.
الخطوة الأولى… الصدمة الأولى
عندما وجدت نفسها في هذا الطريق، لم تكن مستعدة. لم تختره، لكنه فُرض عليها دون سابق إنذار. وقفت للحظة تتأمل البداية، تحاول استيعاب المسافة التي يجب أن تقطعها، والخطوات التي لا تعرف إن كانت ستقوى عليها. شعرت بالخوف، بالتردد، لكنها أدركت سريعًا أن التراجع ليس خيارًا، وأن عليها أن تمضي، خطوة بخطوة.
ثم قابلت رفاق الدرب والمفترقات
لم تكن وحدها، فبعض الرفاق ظهروا في منتصف الطريق، أيادٍ ممدودة بالكلمة الطيبة، بالدعم، بالنور وسط العتمة. كانوا علامات إرشادية، يمنحونها القوة عندما يثقل التعب كاهلها. لكن، كما في أي طريق طويل، كان هناك من ينسحب، من يتوقف، ومن يختفي عند أول منعطف. لم يكن ذلك سهلاً، لكنه علّمها أن بعض الدروس تُكتسب بالفقد، وبعض القلوب تظهر معادنها الحقيقية حين يطول الطريق.
ثم واجهت ……
المنحدرات والصعود من جديد
هناك لحظات شعرت فيها أن الطريق يُغلق، أن لا مخرج، أن كل خطوة جديدة أصعب من سابقتها. لكنها كانت تتذكر دومًا أن السقوط ليس النهاية، وأن الوقوف بعده هو الانتصار الحقيقي. تعلمت أن تُبطئ حين تحتاج، أن تتوقف لتلتقط أنفاسها، ثم تعاود المسير بإصرار أقوى.
حين يقترب النور
مع كل خطوة قطعتها، بدأت ترى الأمور بوضوح أكثر. لم يكن الطريق كما ظنّت في البداية، لم يكن مجرد محنة، بل كان تجربة أعادت تشكيلها، جعلتها أقوى، أعطتها بُعدًا جديدًا للحياة، وعيًا لم يكن ليأتي دون هذا المسير الشاق. وحين لاحت نهاية الطريق، أدركت أن الأمر لم يكن في الوصول بحد ذاته، بل في كل خطوة خطتها، في كل لحظة لم تستسلم فيها، في كل مرة راهنت على الحياة… وربحت.
لأنها بَطَلةُ الحكاية، كانت تعرف دومًا أن الطريق، مهما كان صعبًا، لم يكن إلا اختبارًا لصبرها، وقوتها، وإيمانها بأن النهاية التي تستحقها ستكون دومًا مشرقة.