مقالات

حمدي رزق يكتب: استئناس السرطان عملية ترويض الوحش فى الخلايا البشرية 

حمدي رزق يكتب: استئناس السرطان عملية ترويض الوحش فى الخلايا البشرية 

حمدي رزق يكتب: استئناس السرطان عملية ترويض الوحش فى الخلايا البشرية 
حمدي رزق

التَّدْجِينُ أو الاستئناس هو اكتساب نوع حيواني أو نباتي لصفات وراثية نتيجة تفاعله مع الإنسان. هي عملية يصبح من خلالها أفراد نوع من الحيوانات أو النباتات معتادة على سيطرة الإنسان عبر تغيير علي المستوي الجيني من خلال عملية الاختيار من أجل إبراز الصفات المفيدة والتي يحتاجها البشر .. 

“أعتقد أن هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يحقق فيها علاج هذه النتائج المذهلة، أشعر بإثارة بالغة، وأعتقد أن هذه خطوة عملاقة تعزز آمال المرضى في التعافي من السرطان”. 

هكذا علق البروفسور “لويس دياز”، عضو مجلس البيت الأبيض الاستشاري لعلاج السرطان، على النتائج التى أفرزتها التجارب السريرية على فعالية عقار Dostarlimab، الذي تم الترخيص باستخدامه لعلاج السرطان في بريطانيا مؤخراً، وحطم كل التوقعات، خلال التجارب السريرية على المرضى في أحد مراكز علاج السرطان في نيويورك.

 صحيفة «ديلي ميل» البريطانية الشهيرة كشفت تطوراً مثيراً في مجال علاج السرطان، وذلك بعد تحقيق عقار Dostarlimab لنتائج في القضاء على مرض سرطان ” القولون والمستقيم ” .

وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته، الأسبوع الماضى ، إن علاجاً جديداً للسرطان تسبب في ذهول الأطباء والباحثين، بعد النتائج المذهلة التي حققها في التجارب السريرية الأولية، إثر نجاحه في تحقيق نسبة شفاء بلغت ١٠٠٪؜ على المرضى الذين تلقوا العلاج.

وأضافت الصحيفة أنه بعد مرور عام على تجربة الدواء الجديد على ١٨ مريضاً بالسرطان، فإن الأطباء فوجئوا بأنهم تعافوا تماماً من المرض الخبيث، وأنه لا توجد أي آثار له في أجسامهم.

ورأت الصحيفة أنه رغم أن نطاق التجربة يعتبر محدودا، فإن النتائج التي حققتها تمثل تحولاً جذرياً ومهماً في علاج السرطان، ويمكن أن يمهد الطريق كي يكون هذا العلاج أملاً في وضع نهاية لأخطر أمراض العصر.

البروفسور “لويس دياز”، يبشر البشرية بحدث طبي عالمي مثير، قائلاً: «ندرس ما إذا كانت هذه الطريقة نفسها قد تساعد في علاج أورام سرطانية أخرى، ونقوم حالياً بتسجيل مرضى مصابين بسرطان المعدة والبروستاتا والبنكرياس، لتجربة العلاج الجديد عليهم».

موقع ” ndtv” الامريكى المتخصص طبيا ، كشف ان عقار “dostarlimab” يستخدم عادة في علاج سرطان ” بطانة الرحم ” ، و هذا كان أول اختبار سريري على مرضى سرطان المستقيم ،وبالفعل ثبت فعاليته في علاج المرض الخبيث.

العقار يحتوي على جزيئات منتجة في المختبر تعمل كأجسام مضادة بديلة في جسم الإنسان، تم إعطاء ١٨ من مرضى سرطان المستقيم  نفس الدواء، ونتيجة للعلاج تم القضاء على السرطان تمامًا في كل مريض .

البرفسور “لويس دياز جونيوز” من مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان في نيويورك، يعقب قائلا:” إن هذه كانت “المرة الأولى التي يحدث فيها هذا في تاريخ السرطان”.

وبشكل منفصل، وصف مركز “ميموريال سلون كيترينج للسرطان” والمؤلف المشارك للورقة البحثية حول العقار الجديد ، وعلى لسان أخصائي الأورام الدكتور “أندريا كريسيك”، يقول :” اللحظة التي اكتشف فيها المرضى أنهم خالون من السرطان .. كان هناك الكثير من دموع الفرح”.

على سبيل التجربة ، أخذ المرضى العقار ” دوستارليماب ” كل ثلاثة أسابيع لمدة ستة أشهر، وكانوا جميعًا في مراحل متقدمة من السرطان  فقد كان في المستقيم ولكنه لم ينتشر إلى أعضاء أخرى.

وقال باحثو السرطان الذين راجعوا نتائج العقار إن  العلاج يمثل أملا لمرضى سرطان المستقيم، لكن هناك حاجة إلى تجربة على نطاق واسع لمعرفة ما إذا كان سينجح مع المزيد من المرضى وما إذا كانت السرطانات في حالة تعافي بالفعل؟! 

الفتوحات الطبية فى مرمى السرطان، أيضا ، بلغت نتائج مبشرة لمرضى سرطان الغدد اللمفاوية، توصل باحثون لفاعلية علاج بدأ استخدامه حديثالمساعدة المصابين بالمرض الخبيث.

ووجد الباحثون بـ”مركز ” روجل للسرطان” (Rogel Cancer Center) التابع لجامعة ” ميتشجن” الأمريكية أنه بالاعتماد على العلاج الجديد تقلص حجم الورم لدى ٨٠ بالمئة من المصابين، بينما لا يزال الورم بشكل كامل لدى نسبة تراوحت ما بين ١٨ و٢٠ بالمئة.

وشارك في هذه التجربة السريرية التي أجرتها الجامعة ٢٠ مريضا مصابين بسرطان الغدد اللمفاوية الهامشية بطيئ النمو و ٣٣ آخرون مصابين بسرطان الغدد اللمفاوية الجريبية، وفقا لموقع كلية الطب بجامعة ميتشجن.

وأوضح البحث أن الأعراض الجانبية للعلاج، والذي يتم تناوله عن طريق الفم، تراوحت ما بين ارتفاع درجات الحرارة والإسهال والطفح الجلدي وانخفاض معدلات كرات الدم البيضاء في الدم، والتي تعتبر جزء من الجهاز المناعي وعنصرا أساسيا لمقاومة الأمراض والعدوى.

وكان العلاج قد حصل على التصريح اللازم لاستخدامه طبيا في الولايات المتحدة نهاية عام ٢٠١٩ وفقا لموقع الوكالة الأمريكية للغذاء والدواء “إف دي إيه”.

وبعد نتائج تلك الدراسة، إلى جانب دراسات أخرى مشابهة، أقرت السلطات الأمريكية استخدام العلاج بشكل مشروط لعلاج سرطان الغدد اللمفاوية في حالة ظهور الورم مرة أخرى بعد علاجه أو عند عدم الاستجابة لأنواع العلاج الأخرى.

ويعتبر “زانوبروتينيب” (Zanubrutinib)، نوعا جديدا من الأدوية المثبطة التي تحجب الإنزيم المتحكم في مسار الإشارات العصبية، التي تعتمد عليها الأورام اللمفاوية من أجل البقاء والنمو في جسم المريض.

وتقول “تيسيل فيليبس”، أخصائية أمراض الدم بمركز روجل للسرطان والأستاذة المساعدة بجامعة ميتشجن والمشرفة على البحث، إنه بالرغم من أن العدد المحدود للمشاركين في التجارب السريرية يحد من القدرة على تعميم النتائج التي تم التوصل لها، “إلا أن النتائج المتعلقة بالأمان والفعالية تبرز إمكانيات الدواء كإضافة للعلاجات المتوفرة لهذا السرطان”.

ويصيب سرطان الغدد اللمفاوية الجهاز اللمفاوي، وهو مجموعة الأنسجة والأعضاء التي تنتج وتخزن خلايا الدم البيضاء. ولم يتمكن الأطباء من علاج المصابين بهذا النوع من السرطان بشكل فعال وآمن باستخدام العلاج الكيميائي، ولذلك يسعى الباحثون إلى إيجاد علاجات أخرى أكثر نجاحًا للمرض.

دواليك، تتوالي اخبار علاجات السرطان متفائلة ، وشركات التكنولوجيا الحيوية تقدم تقارير يومية مبشرة عن اختراقات علمية في علاج السرطان، والسؤال : هل ما نقرأه يوميًا في النشرات ، يبشر بفجر جديد تقضى البشرية فيه على السرطان ؟!يقينا النتائج المتحققة جيدة ، ولكنها لا تلبي الطموحات فى الشفاء التام، فالاختراقات الطبية يمكن ترجمتها طبيا في تحويل السرطان إلى مرض “قابل للتعايش” وليس القضاء عليه تمامًا.. لايزال الوقت مبكرا.. 

النشرات الطبية دقيقة فى استخدام   Cure

‏Treatment ‏ ب معني القدرة على التعامل مع الحالة السرطانية وتحجيمها واستعادة التعافي، بما لا يشمل الإزالة الكاملة للمرض، أو تجاوز عواقب الإصابة. 

وهذا ترجمته “معالجة” ، و في حالة السرطان تحديدًا، تندرج الاختراقات الأخيرة تحت بند الـ Treatment. 

البشرية عليها ان تبذل جهدا اضافيا فى المعامل ، وتتفق أكثر ، وتتوفر تماما ، فالسرطان ليس نوعا واحدًا، هناك أكثر من ١٠٠ نوع، حتى الأنواع الفرعية ك “سرطان البروتستاتا” مثلًا تتفرع إلى أنواع أكثر ، و كل نوع من السرطان يسلك طرقًا مختلفة في نمو الخلايا، وله آثار ومظاهر متيابنة. ولا تنتج كلها بسبب نفس الطفرات، ولا تستجيب جميعها لنفس نوع العلاج.

كما أن الاختلافات الجينية في كل شخص تجعل كل إصابة بالسرطان تجربة فريدة خاصة بصاحبه، لذلك تعمل بعض العلاجات بشكل جيد مع بعض الأشخاص، بينما لا تعمل مع غيرهم على الإطلاق .

العلاجات المعلنة تستحق الاحتفاء تمامًا، فهي تطورات كبرى في معالجة السرطان والسيطرة عليه.غالبًا ما تشير التطورات في أحد أشكال السرطان إلى الأمل في العلاج للآخرين.العلاج المناعي، على سبيل المثال، يستخدم ليكون الحصان الأسود في علم الأورام، وهو البروتوكول المعتمد لعلاج عشرات السرطانات، ويحقق نجاحات جيدة . 

والسؤال الذى طرحه ” موقع دقائق الاخبارى” هل تمت السيطرة على السرطان، واخضاعه معمليا ، هنا تبدو الإجابة مخيبة للآمال الطامحة للشفاء ، الباحثون المتجردون من ربقة شركات الأدوية، يقطعون بأن انتشار السرطان لا يمكن التحكم فيه، وأن بإمكانه إصابة كل أعضاء الجسم تقريبًا، وأن الخلايا المتنامية قادرة على غزو النُسج التي تحيط بها، ويمكنها أن تتسبّب في نقائل تظهر في مواضع أخرى بعيدة عن الموضع المُصاب.

وهناك حقيقية متداولة طبيا، ان حتى العلاج الكيماوي رغم صعوبته، لا يمنع احتمالات عودة الإصابة، سواءً في الموضع ذاته الذي ظهر عنده السرطان الأول، أو في جزء آخر من الجسم.

علم الوراثة قد يوفر طريقا معبدة نحو اكتشاف السرطان وعلاجه، بل والقضاء عليه تماما، وهذا يحتاج إلى صبر السنين، وفى المعامل الآن ، محاولات حثيثة تبذل للتوصل رسم الخريطة الوراثية للسرطان، وصولا إلى رسم سماته الجزيئية، سماته الوراثية، وهذه ذات أهمية أكثر من المكان المصاب الذي بدأ منه النمو السرطاني .

هناك تغير لافت فى فلسفة العلاج، إلى الاعتماد على علم الأحياء، عبر محاولة إدخال متغير ما على الخلايا السرطانية نفسها، ليتمكن الجهاز المناعي من التعامل معها، دون الإضرار ببقية الخلايا السليمة.

طبيا وعلميا يمكن القول بثقة ان العلاجات الجديدة، على الأقل، في تحويل السرطان من حكم بالإعدام إلى مرض عادي يمكن التعايش معه، مثل مرض السكري، ببساطة لا يمكن استئصال أورام بعض الأشخاص تمامًا، لكن يمكن وقف تقدم المرض، وبالتالي يعيش المريض فترة أطول، كما لو أنه شفي.

ورقة بحثية نُشرت عام ٢٠٢٢ في مجلة Cancers: “إن علاجات السرطان المستقبلية لن تقتل  السرطان، بل ستحوله إلى مرض مزمن يمكن التحكم فيه، بدلاً من التركيز فقط على إيجاد علاج كامل له”.هذا يعني أن التوصيف الصحيح لما يقوم به العلماء تجاه السرطان هو “معالجة”، التعامل معه، محاولة إيجاد أمل للتعايش، لا حرب على عدو للقضاء عليه. ( نقلا عن مجلة المصور )

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى