حمدي رزق يكتب: حضورها أقوى من الغياب!
وضبطت نفسى أبحث عن وجه الأميرة «ديانا» بين وجوه العائلة الملكية، وكأنها روح شفافة تطل على حفل التتويج الفخيم فى حزن شفيف.
ورغم البذخ الملكى فى حفل التتويج الأسطورى، واستصحاب التقاليد الملكية العريقة الضاربة فى أعماق الملكية البريطانية تذهل الحضور ومليارات المتابعين عبر الفضاء، كان هناك وجه غالب، وجه ديانا، حضورها أقوى من الغياب.
تخيلتها تحنى رأسها إجلالًا للتاج ترتديه فى لحظة تاريخية، جد استشعرت غيبتها وتخيلت السعادة فى عينيها وهى تُتوج ملكة على القلوب، تلبَّسنى ومثلى الكثير حزن دفين فى قلبى، الذى كان يبتهج بطَلّتها الصبوح برغم الحزن الساكن فى عينيها ليل نهار.
النهاية الدرامية لحياة ملكة القلوب باعدت نفسيًّا بينى وبين الحفل البهيج، مسافة نفسية، والمسافات لا تُقاس بالكيلومترات ولكن بلوعة الفراق، ربما روحها تلبّستنى رغمًا عنى، فارقتنا وتركت دمعة محصورة فى العيون، صحيح، «مافضلشى غير دمعة مرسومة فى المناديل». (بصوت أصالة نصرى).
ديانا غابت عن الحفل، غيّبها الموت قبلًا، ولكن الحفل بتفاصيله الصارمة يُذكرك بديانا، حاضرة بقوة، هل شعرتم حقًّا بحضورها، بروحها، بألقها، بابتسامتها العذبة، بمرحها، وحبها للحياة، بإنسانيتها.
ظللت طوال الحفل الممتد لساعات أتخيلها فى كل لحظة ولقطة، وأقارن بينها وبين الملكة الجديدة «كاميلا»، وضبطت نفسى ظالمًا للملكة فى مقارنة بين إشعاع ديانا وخفوت كاميلا، ديانا كانت تصدر مشاعر إنسانية تبدد البرودة الملكية، رومانسية ديانا كانت تُذيب ثلوج التقليد الملكى المستخرج من أقبية العائلة التى عُمِّرت طويلًا.
ذكّرتنى تقاليد الحفل الفخيم بمقولة لديانا: «أنا لا أتبع القواعد، أنا أتبع القلب.. لا العقل»، هل كانت ستتبع البرتوكولات المرعية، أم كانت ستغرد كالعصفور فى الحفل الصارم، وتوزع ابتساماتها على الحضور، وهى صاحبة المقولة «التصرف بلطف نحو الجميع بطريقة تلقائية، دون انتظار لمكافأة، فمن الممكن أن يعاملك أحدهم بنفس الطريقة يومًا ما».
البذخ الملكى يُحيلك إلى مقولة ديانا: «يقولون إنه من الأفضل أن تكون فقيرًا وسعيدًا على أن تكون غنيًّا وبائسًا، ولكن ماذا عن حل وسط مثل الثراء المعتدل؟..»، تقريبًا هو الحل الوسط الذى كانت تبحث عنه ديانا، ورحلت قبل أن تتلمّسه. لا يزال مدفونًا فى ثلوج العائلة الملكية.
من قبرها تخبرنا: «منذ اليوم الأول الذى انضممت فيه إلى تلك العائلة، لم يعد من الممكن فعل أى شىء بشكل طبيعى»، كانت مثل عصفور فى قفص ملكى، فما بالها فى قبرها بهذا الطقس الصارم عند التتويج؟!.
يقينًا كانت ستبتسم فى وجه «جاستن ويلبى»، رئيس أساقفة كانتربرى، وهو يلقنها القَسَم: «لا يمكنك فعل أى شىء جيد لا تشعر به فى قلبك»، هكذا لخصت ديانا حياتها، قلبها الذى رفرف حبًّا وعشقًا، كانت تستشعر النهاية، وقبل رحيلها قالت: «كل مَن فى محنة يمكنه الاتصال بى. سآتى أركض أينما كانوا». ربما يفسر الحزن الدفين فى التتويج الفخيم!.