مقالات

حمدي رزق يكتب: رسالة حقوقية من وادى النطرون

حمدي رزق يكتب: رسالة حقوقية من وادى النطرون

حمدي رزق يكتب: رسالة حقوقية من وادى النطرون
حمدي رزق

احتراز وجوبى، السجن سجن ولو كان في جنة، ولكن «جودة السجون» تلزم بشدة من قذف بهم موج الحياة إلى بطن الحوت، وكتابى هذا ليس في باب تحبيب السجون، أو تجميلها، ميحكمش على السامعين يا رب.

في اليوم العالمى لحقوق الإنسان هيأت وزارة الداخلية زيارة حقوقية إلى «مركز الإصلاح والتأهيل- وادى النطرون»، وهو مركز عالمى، بمواصفة مصرية، يوفر فرصًا إصلاحية وتأهيلية مواتية كما تنص الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أتمت عامها الأول بمبادرة العفو الرئاسى المعتبرة.

المركز الإصلاحى يكتب نهاية حقبة معتمة في تاريخ السجون المصرية، أحوال السجون في عقود سبقت تحدثك عنها المؤلفات والقصائد والأزجال، راجع قصيدة «رسالة من سجن أبوزعبل» لطيب الذكر خفيف الروح «أحمد فؤاد نجم».

مركز وادى النطرون يتحدث عن نفسه، والمغزى من إقامته على مساحة ٤٧٥ فدانًا، فيه متسع لراحة السجناء، يحلحل ويفكك واحدة من مشكلات السجون المصرية المزمنة، الازدحام!! معلوم بعض السجون العتيقة تقادم، كاد يسقط على رؤوس من فيه، مركز وادى النطرون يحل محل ١٢ سجنًا قديمًا تمثل ٢٥٪ من إجمالى عدد السجون العمومية في مصر، والتى تقرر إغلاقها تمامًا.

المركز يُعد نموذجًا حضاريًا للتنفيذ العقابى، وباكُورة مجموعة من المراكز الإصلاحية المشابهة في مصر تنهى مشاكل السجون المصرية المزمنة، إزاء خمسة مراكز إصلاحية (وادى النطرون وبدر، وجرى افتتاحهما، والعاشر وأخميم، على وشك الافتتاح.. ومايو تحت الإنشاء).

إنشاء مراكز إصلاحية جديدة ليس رفاهية ولكنه ضرورة قصوى، السجون القديمة استنفدت أغراضها، صارت داخل المدن، ومستوجب إخراجها من داخل الكتلة السكانية عاجلًا لأسباب حضارية وأمنية.

فعليًا، خارج الخدمة الإصلاحية، سجون «استئناف القاهرة- ليمان طرة- القاهرة بطرة- بنها- الإسكندرية- طنطا العمومى- المنصورة- شبين الكوم- الزقازيق- دمنهور القديم- معسكر العمل بالبحيرة- المنيا العمومى».. وستنتفى مستقبلًا من سجلات وزارة الداخلية جملة «سجون عمومية»، صارت مراكز إصلاح وتأهيل.

صُمم مركز الإصلاح والتأهيل بوادى النطرون بأسلوب علمى وتكنولوجيا متطور، واعتمدت مصلحة السجون برامج الإصلاح والتأهيل على أحدث الدراسات التي شارك فيها ويتابعها عن كثب متخصصون حقوقيون وطنيون في كافة المجالات ذات الصلة للتعامل مع النزلاء، وتأهيلهم لتمكينهم من الاندماج الإيجابى في المجتمع.

 

تضم منطقة الاحتجاز (٦ مراكز فرعية)، رُوعى في تصميمها توفير الأجواء الملائمة من حيث التهوية والإنارة الطبيعية والمساحات، بالإضافة إلى توفير أماكن لإقامة الشعائر الدينية (مسجد وكنيسة)، لأول مرة في تاريخ السجون المصرية يُراعى وجود كنيسة يرعاها كاهن، تجسيدًا لفكرة المواطنة داخل السجون.

وزارة الداخلية عنيت ألا تُحمّل الموازنة العامة للدولة أي أعباء لإنشاء وإدارة مراكز الإصلاح والتأهيل، في ضوء أن القيمة الاستثمارية لمواقع السجون العمومية المقرر إغلاقها تفوق تكلفة إنشاء تلك المراكز التي تكتفى ذاتيًا.

تضم منطقة التأهيل والإنتاج مناطق إنتاجية «الزراعات المفتوحة- الصوب الزراعية- الثروة الحيوانية والداجنة- المصانع والورش الإنتاجية»، فضلًا عن المكون الثقافى، مكتبة معتبرة ومسرح وسينما يؤمها النزلاء. وفى المنطقة الخارجية للمركز منافذ لبيع المنتجات، وفى المعارض التي ينظمها قطاع الحماية المجتمعية، حيث يتم تخصيص العائد المالى للنزيل وتوجيه هذا العائد حسب رغبته، فإما تحويل العائد أو جزء منه لأسرته أو الاحتفاظ به عقب قضاء العقوبة التي نتمناها قصيرة.. بردًا وسلامًا على كل النزلاء.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى