مقالات

حمدي رزق يكتب .. ما تيسر من سيرة الحاج أحمد البهنيهى ( الله يرحمه )

حمدي رزق يكتب .. ما تيسر من سيرة الحاج أحمد البهنيهى ( الله يرحمه )

حمدي رزق يكتب .. ما تيسر من سيرة الحاج أحمد البهنيهى ( الله يرحمه )
حمدي رزق

منقول عن “محمد البهنيهى” صديقى وبلدياتى وابن شيخى و معلمى طيب الذكر “الحاج أحمد البهنيهى” (الله يرحمه)..نصًا من صفحته على “فيس بوك” وبالحرف:

 “فى الابتدائية لما كنا فى سادسة ابتدائى فى حصة اللغة العربية، كنا نسمع النصوص، وكان النص ، قال تعالى ، واعتصموا بحبل الله جميعا. وكل التلاميذ المسلمين بيسمعوا يقولوا بسم الله الرحمن الرحيم، ولما جه دور تلميذ مسيحى بدأ بكلمة فاعتصموا ، فقال الفصل قول ” بسم الله ” فرفض التلميذ، وأخيرًا قرأ قال تعالى واعتصموا.. الخ. ومن هنا فهمت ليه النصوص مكتوب فيها جملة (قال تعالى) فهى جملة عبقرية لأن عليها توافق وتمنع المشكلة..

أما النهاردة حفيدتى فى مدارس الراهبات فى حصة الدين قالت فصلونا عن بعض وبقينا نعرف مين المسلمة ومين المسيحية ، وفى يوم امتحان الدين كنا مع بعض وعشان يقرؤوا علينا ورق الأسئلة طلبوا من المسيحيات يناموا دقيقة على الديسك حتى يقرؤوا امتحان المسلمين ، ثم طلبوا من المسلمات أيضًا أن يناموا ليقرؤوا الأسئلة المسيحية ، فقالت عملت نفسى نايمة وسمعتهم بيتكلموا لغة أخرى غريبة. وبعد الامتحان صاحبتى قالت لى ادخلى أفرجك على الكنيسة .. خفت أدخل.

يكمل البوست حزينا :” هكذا نحن نصنع المشكلة ولا نبحث لها عن حل.. وأنا شايف حل من ثلاثة إما أن نفصل العلم فى المدرسة، والدين فى بيوت الله وتتخصص المدرسة فى العلوم فقط، وإما أن نعلم أولا التلاميذ ثقافة التنوع والاختلاف ، وأن التنوع هو إرادة الله أو مشيئة الرب ، وعلينا احترام هذا التنوع ، وقبوله والتعايش معه، ولما تنجح التلاميذ فى هذه المادة يبدؤوا يعلموهم الدين، وإما أن نتفق على تأجيل الكلام فى الدين لسن البلوغ، وكان الله فى عون الهنود أكيد عندهم تجربة مفيدة”.

أعلاه محزن، وأسفله محاولة مواطن متحير تماما مما يحدث بين ظهرانينا، يجتهد فى بيان حلول للطائفية المقيتة التى ينشأ عليها زهور هذا الوطن، يسمموا افكارهم ، وينمطوا عقولهم ، ويعملون الفرز الطائفي بينهم .. إذن توقعوا الحصاد المر مستقبلا.

ولنا فى الحاج ” أحمد البهنيهى ” نموذج ومثال للسماحة والمحبة وقبول الأخر دون غصة ، الحاج أحمد صاحب فضل ، علمنى الحروف كلها، ومن علمنى حرفا ، جميله فوق راسى أحمله كتاج يزين مفرقي .

الله يرحمه ، علمتنى حروف المحبة لله فى لله، وكأنه الملاك الحارس ، ملاك أبيض بجناحين ظليلين يرفرف بهما على الرؤوس، كان عطوفا ، يربّت على ظهر زميل التختة ” ألبير ” ، يحنو عليه ، كان يخصه بكثير من الحنان، كان يخشى عليه الوحدة فى حصة الدين، لم يهن عليه مرة أن يُخرجه بره الفصل فى برد طوبة.

 الدين لله، علّمنا الحاج أحمد طيب المعاملات، حب لأخيك ما تحب لنفسك، كان يضرب مثلا، ونحب أمثاله، نقش فى قلوبنا حبا للذين قالوا إنا نصارى (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى)، كنا ننطقها بغباء طفولتى ” نصرانى” بضم الصاد فتخرج قبيحة من التقبيح والتمييز المتوطن كالأمراض المتوطنة فى قعور البيوت المظلمة عن جهل .

العلم نورون، وكان الحاج من المتنورين ، جيل وسطى متنور وسط ظلمة تغشى بلدتنا الوادعة على البحر الفرعونى، وسط الدلتا.

الحاج أحمد كان يتنسم وجود الله وآياته ، علّمنا حب الجمال، وكان يردد على أسماعنا ، الله جميل يحب الجمال، وكان مرشدا وهاديا للمدرسة الصغيرة (مدرسة الأقباط الابتدائية) هكذا كان اسمها على بوابتها الحديدية لا يثير ثائرة الطيبين وقتها، ولا يحك أنوفا، ولا يثير أعصابا شايطة من الاستخدام المفرط للدين.

 مدرستى كانت فى حضن كنيسة بعزبة النصارى، هكذا شاع اسمها دون أن يثير حساسية إخوتنا الأقباط، وكانت الكنيسة مثل ملاك المدرسة الحارس، وكان القس الطيب يزور الحاج أحمد كل صباح، كانا صديقين، بينهما مودة ورحمة، كانت أجراس الكنيسة تدوّى فى قلب الفصول، وكأنها ألحان شجية، يفتتح اليوم الدراسى بطيب القول، والتوحيد، “الله أحد الله الصمد .. » كان الحاج أحمد ينطقها من فم معطر بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى