حمدي رزق يكتب.. «وَصَلُّوا لأَجْلِ جْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ..»
بعد أن اختار السيد المسيح تلاميذه، ألقى عليهم عظة فريدة وافية شاملة أبدية، تُعتبر قاعدة المواعظ وخلاصة الدين، وتُسمَّى «الموعظة على الجبل». ألقاها المسيح فى مكان مرتفع بقرب «كفرناحوم»، والموعظة على الجبل هى أهم وأكمل ما ورد من عظات السيد المسيح.
الغضبة المسيحية على «مبروك عطية» مبررة تمامًا، عندهم حق، والغلط راكبه من ساسه لراسه، ورغم أن الفيديو المسىء من ظهورات ما قبل «حديث القفة»، إلا أنه تجاوز فيه كل السقوف، متهكمًا على عبدالله «قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا» (مريم / ٣٠).
نوبة عصبية انتابت «المبروك» تعقيبًا على تناول «إبراهيم عيسى» محتوى «موعظة الجبل» بإجلال واعتبار، فاستكثر منه تفخيمًا، واستكبر عليه تقزيمًا، وقال فى السيد المسيح قولًا كريهًا، وما كان يصح.. وقد أستغرب المبروك نفسه من نفسه ولومها، وكأنه يعاقب نفسه فيجلد ظهره ويحرق لسانه حتى يكفّ عن اللغو..
منجاة المبروك من الملاحقة القضائية بتهمة الازدراء متضمنة فى «موعظة الجبل»، عجبا ستوفر لك الموعظة (بعد اعتذارك المتهافت وأرجو أن يكون مقبولا بمنطوق موعظة الجبل)، ما لم تستوعبه فى قول السيد المسيح «وأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ» (متى ٤٤:٥).
من حق إخوتنا الغضب، ومن حقهم اللجوء إلى القضاء، ولكن نحيلهم جميعا فى فورة الغضب إلى موعظة الجبل «بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ».
الاعتذارات على وقتها تمحق السيئات فى حينها، وتئد فتنة.. مهم الدرس، خطورة ما فاه به المبروك يستوجب غلقه بحكمة العقلاء (بعد الاعتذار).. هل نعى الدرس؟!
موعظة الجبل صنو خطبة الوداع، وإذا لم تستبطن المحبة التى ترصع وصايا السيد المسيح، عليه السلام، فكيف تستبطن معانى الرحمة فى خطبة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام؟.. خلاصته: إذا لم تستبطن المعانى الإنسانية، فلا تقربها، ولا مطلوب منك مسها من بعيد أو قريب.. لماذا لمس العقائد؟، لماذا الدخول على ما يعتقدون؟!، هذا ازدراء دينى كريه.
كراهيتنا لمادة الازدراء ولبلاغات الازدراء تحكم موقفنا من تحبيذ قبول الاعتذار، والمبروك باعتذاره يصحح خطأه، وخير الخطّائين التوابون، والمسامح كريم. «وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ ».
غواية التريند تحرف القول، فيطمع الذى فى قلبه مرض، والغرض فى حصد المشاهدات مرض أصاب خلقا كثيرا، فانحرف بهم القول وانجرف البعض، فسقط من حالق فى صدع مجتمعى فاغر فاه لابتلاعنا جميعا إلا من رحم ربى، البلد مش ناقص عبث، فيه اللى مكفيه.
استقيموا يرحمكم الله، علمًا بأن المسيحيين لا ينتظرون منكم حسنة يتبعها أذى.. ويا نحلة لا تقرصينى، ولا عايز منك عسل!!.
المبروك باعتذاره وفّر علينا مشقة طريق تسكنه أشباح الطائفية التى استولت على عقل البعض، لا يغادر هذا المربع الكريه، يبتدر المسيحيين الكراهية، شارب كاس الكراهية حتى الثمالة، وحافظ كتاب الكراهية، يُسمّعه غيبا.. سَمّع سَمّع يا مبروك لن يسمعك أحد.. نحن نصيخ السمع إلى كتاب الله، «وَالسَّلَامُ عَلَى يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» (مريم /٣٣ ).