فقد عقله خوفا من أن يفقدها .. بقلم: د. عبير منطاش
قصتنا اليوم لرجل أحب زوجته ولم يحتمل فكرة فراقها “أستاذ حسن” مهندس وزوجته هند مديرة مدرسة لديهم إثنان من الأبناء حسين وأسماء٠
أستاذ حسن مهندس ناجح وسافر إلى بلدان كثيرة للعمل بها وكانت أستاذة هند تنتظر عودته كل أجازة٠
وكبر الأبناء وتزوجوا وسافروا خارج البلاد ، أستاذة هند تعبت من العمل وفضلت الجلوس في المنزل وتقدمت بطلب للحصول على معاش مبكر٠
وأستقر أستاذ حسن في بلده لإنه أصبح لايستطيع السفر كثيرا، وأصبح هو وزوجته في المنزل بمفردهم بعد زواج أبنائهم ، لكن أستاذ حسن كان بطبعه عصبي وزاد ذلك بعد ما تقدم في العمر وأصبح لايسافر بسبب ضعف صحته٠
وساءت العلاقات بين أستاذ حسن وزوجته، وزاد البعد والجفاءحتى إنها كانت تترك المنزل وتذهب لبيت أقاربها نتيجة خلافاتهم المستمرة٠
وفي يوم اشتد الخلاف بينهم وفي لحظة غضب طلبت أستاذة هند الطلاق وسط إنفعال منه ومنها وهو وافق على الطلاق فعلا٠
وفي الصباح إستيقظت أستاذة هند لتحضر نفسها للذهاب هى وهو للمأذون وهنا حدثت مفاجأة غير متوقعة٠
فقد أستاذ حسن ذاكرته وأصيب بالزهايمر المرحلة الأخيرة ولم يتذكر أي شيء من الخلافات أو الإتفاق على الطلاق وساءت حالته فهو لايتذكر إلا الماضي يتحدث عن أولاده كأنهم أطفال، يريد الذهاب لبيت والده مع أن والده متوفي منذ كان صغيرا٠
لم يحتمل فكرة إنفصاله عن زوجته، وإنه سيطلقها بعد هذا العمر ففقد ذاكرته ما كل هذا الحب!!!
لم يستوعب عقله فكرة فراقها والبعد عنها فنسي كل شيء عن المشكلة٠
لكن للأسف لم تكن زوجته بحجم وفائه وحبه لها فذهبت به لدار للمسنين وتركته هناك ليقوموا برعايته٠
ورغم ذلك كان أستاذ حسن لا يتذكر أحد من حوله إلا هى فهو دائما يسأل عنها وينادي عليها، أحيانا كثيرة يبكي لأنه يريدها كأنه طفل متعلق بأمه ٠
وهى تذهب لزيارته مرة في الأسبوع لكن المحزن حقا إنها كانت تتمنى موته، تريد أن تتخلص منه بأي طريقة٠
حقيقة لا أجد كلام أعبر به عن قسوة قلبها وجحودها برغم كل ذلك الحب الذي يكنه لها٠
لم تكن هى على درجة من الحب أو حتى نقول الشفقة والرحمة وظل أستاذ حسن في دار المسنين وذاد مرضه٠
ودخل المستشفي وظل هناك يعاني من الألم وحيدا إلى أن توفى حتى أبنائه لم يكونوا على درجة من الحب لوالدهم لم يحضروا لزيارته في مرضه، لم يحضروا جنازته٠
ما كل هذه القسوة من الأم والأبناء!!!قد يظن البعض إنها قصة من الخيال لكن للأسف هذا حدث في الواقع؛ أحيانا يكون الواقع أكثر دهشة وقسوة من الخيال٠