وعد ترامب.. هل نحن امام بلفور جديد أم مجرد فرقعة وكلام تهديد

كتب / د. محمد كامل الباز
مما لا شك فيه أن معظم المشاكل التي ظهرت بالمنطقة العربية كانت بسبب وجود الكيان الإسرائيلي فيها، غالب الحروب والصراعات دائماً ما يكون لأولاد العم سام دور بارز فيها، لو لم يظهروا علانية في الساحة، فهم المحرك الأساسي للكثير من الأحداث خلف الكواليس،
نجح الغرب في زراعة نبات شيطاني داخل أرضنا، منذ ما يقرب من مئة عام كانت بداية هذه البذرة، وعد ألقاه وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور عام ١٩١٧ وفيه تكلم صراحة بوطن قومي لليهود في أرض فلسطين،
إنجليزي يوعد اليهود بوطن في أرض عربية؛
الغريب في الأمر أن الوعد كان قبل دخول ادموند الليمبي لأرض الزيتون وهزيمة العثمانيين فيها علي يد الإنجليز أي إنها كانت مؤامرة مكتملة الأركان؛
مرّ أكثر من مئة عام والفلسطيون يدفعون ثمن هذا الوعدالمجحف و الذي تحقق فعليا عام ١٩٤٨ .
مضت وتوالت السنين في الأذهان لنجد أصحاب الأرض مهاجرين ومطاردين، تم إقصاء هم فى الجزء الجنوبي من فلسطين ( غزة) ليأتي العدو الغاشم فى السابع من أكتوبر ويستكثر عليهم حتي هذا الجزء !!
دائماً اللصوص يسيل لعابهم وتفتح شهيتهم علي ممتلكات الغير، لا يملىء جوهم شىء، وتتسع معدتهم لهضم المزيد طعام الغير،
خرج علينا هذا الهرِم الذى بحسابات العقل والمنطق والطب أيامه قد تكون في نهايتها!!
يريد هذا العجوز ترامب في آخر عهده أن يزيد من ذنوبه وآثامه إثما جديداً ويهدد بأخذ القطاع كله، وتهجير الفلسطينين( أصحاب البلد كلها) إلي مصر والأردن، بالظبط كما فعل ذلك الهالك بلفور الذي هو الآن أمام الواحد الأحد يحاسبه عل أفعاله، يفعل هذا الترامب مثله ويعطي ما لا يملك لمن يستحق، نصب من نفسه حاكماً للعالم، أخذ يهدد و يتوعد، يحذر تارة حماس وتارة أهالي غزة مرة الأردن وآخري مصر، جنّ جنون الرجل من هزيمة إسرائيل وفشلها في غزة فأعلن الجنون رسمياً؛
اثبت ترامب للعالم كله فى عدة خطابات أن الديمقراطية والمدنية، الحداثة والعلمانية هي مجرد شعارات، الورق التى كُتبت عليه أثمن منها، يب هن علي صدق كلامنا بكذبة المجتمع الدولي وحقوق الإنسان ومش عارف إيه، يؤكد كلامنا أن السبيل الوحيد للنصر هو إتباع تعاليم ربنا وسنة نبينا، أثبت ترامب صحة كلامنا
بضربه كل التعاليم التي يصدروها لنا عرض الحائط، الرجل لم يتبع سياسات أو توازنات، لم يستخدم حيل أو مجاملات، بل أكد صراحة أن أمريكا ستأخذ القطاع وتجعل منه منتجع سياحي، أكد علانية أن أمريكا تريد إجبار دولتين علي أخذ سكان دولة ثالثة من أجل أن يأخذ ترامب أرضهم ويعطيها لدولة رابعة ( اليهود) …!! يالها من ديمقراطية وما احلاها من تنوير وحداثة ومدنية !!
بالطبع مصر والعالم الاسلامي والعربي كله أمام منعطف ومشكلة على كافة السبل، إما أن يكون ترامب جاد في تهديده ويريد توسيع إسرائيل الكبري ليبدأ في المرحلة الثانية وهي طىغد الفلسطينين في الضفة وبالتأكيد بعدها سينطلق للجيران، مصر والاردن ولبنان بحجة حماية أمن إسرائيل،
واما أن يكون هذا مجرد تهديد لن يتم كما طرح من قبل فى خمسينات القرن الماضي، حيث أن ترامب كعادته مفاوض جيد يلقي بسياسة الأرض المحروقة وهو إعطاء أصعب الحلول وأعلاها من أجل أن يحصل على ما يريد كنوع من أنواع البدائل المرضية للعرب وهو أن يجعل غزة تحت حكم وإشراف عربي أو أممي، منزوعة السلاح بلا مقاومة وبلا حماس وبلا أي شىء يستبيحها تحت أي ذريعة وقتما شاء، وأيضاً تستعد لتستوعب سكان الضفة، وهو الحل الأقرب للواقع، ولشخصية ترامب لما له من حنكة فى التفاوض يستطيع من خلالها الحصول على الصفقات الهامة بأفضل سعر،
أيا كان نية هذا المخبول فالواضح أن الأرض تُمهد لشىء جديد، شىء يريد فى المقام الأول منا الرجوع الي الله وارضاؤه، شىء يتطلب الإخلاص فى العمل والإتحاد بيننا، شىء يجب أن يجعل ترامب يري أن بكلامه عن مصر والاردن سيجد معهم السعودية والكويت وقطر والبحرين وليبيا والسودان والجميع يقف وقفة رجل واحد يقول له لا، وقفة يجد فيها ترامب نفسه أمام اكثر من عشرين حكومة عربية بشعوبها تقف أمامه حجرا صلبا تقول له والله لن يخرج فلسطيني واحد من أرضه، كفاية مهرجانات ومواسم فارغة لم تستفيد منها الأمة في شىء ولنرجع لخالقنا ونأخذ بحسابات النصر كما فعلت قلة مستضعفة فى الإنفاق على مدار عام ربع لم تستطع خلالها أعتي جيوش الأرض الفتك بها أو تحرير أسراها إلا بالمفاوضات،فما بالك لو جاء إليهم جيوش العرب كلهم، لو أخلصت النية لله ووقفت جميع الأمة كالبنيان المرصوص، والله أري أن وقتها لن يكون الكلام من يستقبل الفلسطينين في غزة ولكن سيكون الحديث أين يذهب نتنياهو و بن غفير وكل تلك الأشكال الفجّة .