مقالات

الروائية جيهان عوض تكتب: كن بخير

الروائية جيهان عوض تكتب: كن بخير

الروائية جيهان عوض تكتب: كن بخير
صورة أرشيفية

يا بني سأكتب لك رسائلي تباعًا فلا تمل وليسعك قلب المقال وكاتبته.. سأنثرها في أدراج عقلك اللبيب وما عليك إلا ترتيبها وقراءتها بتمعن،

أو دعها كما هي، دعها يا بني ولا ترتبها فتدابير القدر ستتولى ذلك.

اسحب الورقة الأولى بترو ففيها لهفتي قبل رؤية وجهك الغض، حينها دعوت الله أن يهبني روحا زكية ونفسا طيبة. 

استنشقها ففيها عبق الماضي وبركته، املأ صدرك يا بني برائحته العتيقة.

فالماضي هو جذورك وجذور أجدادك وتاريخ السابقين فلا تهمله، يا بني إن كان الغد غيبا مجهولا واليوم حاضرا متأرجحا قد يُجزم أو ينصب أو يظل على حاله. 

فأمس حقيقة ثابتة لا زيف فيه، انقب عن كنه ماضيك لتفهم حاضرك وتتقبل غدك.

ها أنا ذا ترفرف حمائم الذكرى حولي وتوقظ ما سلف، أتذكر طلتك البهية على دنيانا وأنّى لي أن أنسى أول فرحتي. 

الأول يا بني دائما له شأن خاص وروح أكثر خصوصية.

تلقفتك بعناية ولففتك بأقمطة بيضاء منقوشة بتحنان بأناملي التي تجيد الزخرفة، كتبت اسمك عليها بلون السماء الصافية كي يشهد كل حرف بأموميتي المبكرة.

قد نعجز عن رسم الحروف ولكن نعي تماما مرادافاتها بقلوبنا على خط الحياة..

أ- أحببتك قبل أن أراك
ح- حاربت لإبقائك معي
م- ما دمت بجانبي أنا بخير
د- دائمًا وأبدًا سأحتويك

أول كلمة نطقتها لم تك أمي، رغم لهفتي ومدى توقي لسماع تلك الكلمة إلا أنني حرصت على تلقينك كلمة أبي قبل أمي.

أو ربما أنك اخترت أيسرهما لا أدري، صدقا لا أتذكر إلا أنها خرجت من لسانك سلسة شهية “أبي”، لولا أبيك لم تكن أنت، هكذا الماضي..

ورب القلم وما سطر لساعة تمكثها بجواري خير لي من الدنيا وما فيها، سيخبروك كم وهنت وكم غُبنت وكم لُكمت وكم دمعة ذرفت وكم وكم..كم. 

وسأخبرك أني والذي رزقني حبك أنسى كل هذا وذاك بنظرة باشة من وجهك ونبرة راضية من صوتك، ذبول وجهك يقبض صدري.

خفوت صوتك يرعد أوصالي..كن بخير لأجلي، لأجل قلب سقاه الضيم وأشبعه!

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى