حمدي رزق يكتب: أبغض الحلال
هل نشرات الجهاز المركزى للتعبئة العامـة والإحصاء تؤخذ على محمل الجد، وتُمحص وتُحقق وتُدرس جيدًا فى معامل مراكز الأبحاث والدراسات؟.
هل البيانات والأرقام الموثقة التى تحويها النشرات الشهرية والسنوية للجهاز توضع تحت المنظار تفحصا لمحتواها ومغزاها ومؤشراتها الرقمية؟.
هل تخضع لدراسات معمقة لإحداث التغيير المطلوب، الذى تؤشر عليه الأرقام سلبا، أو استدامة التغيير الذى تنور عليه إيجابًا؟.
لفتتنى النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق لعام ٢٠٢١، بلغ عدد عقود الزواج (٨٨٠٠٤١) عقدًا مقابل (٨٧٦٠١٥) عقدًا عام ٢٠٢٠ بنسبة زيادة قدرها (نصف فى المائة)، بينما بلغ عدد حالات الطلاق (٢٥٤٧٧٧) حالة عام ٢٠٢١ مقابل (٢٢٢٠٣٦) حالة عام ٢٠٢٠ بنسبة زيادة (١٤.٧٪)..
الأرقام صريحة، لا تكذب ولا تُجمّل واقعا معاشا، تقول بزيادة طفيفة فى عقود الزواج نصف فى المائة، وهذا مؤشر طيب من جهة انفتاح المجتمع أكثر على الزواج، ما يحمل بشريات سارة مجتمعيا، وهل من مزيد فى ترغيب الشباب فى بدء حياة زوجية سعيدة إن شاء الله.. وبِالرفَاءِ والبنين.
لكن الأرقام تبدو مقلقة بشدة من جهة الزيادة فى حالات الطلاق، زيادة جد مزعجة ( ١٤.٧٪)، وتواليها بنسب قريبة فى أعوام سبقت تؤشر إلى خلل مجتمعى فى منظومة الزواج، تحديدا فى سنواته الخمس الأولى، ما يستوجب تداركه بحثا بدراسات علمية متعمقة فى الأسباب لترشيد الظاهرة التى تشكل أبغض الظواهر المجتمعية على الإطلاق.. الطلاق أبغض الحلال.
بيان الحالة المجتمعية يؤشر عليه مثل هذه النشرات الرقمية فائقة الأهمية، تدق جرس إنذار عاليا، وتشى بخلل فى منظومة الزواج فى المحروسة.
ماهية الأسباب يصعب التخمين وافتكاك الإجابات هكذا عنوة دون درس معمق لمجمل الحالات وسبر أغوارها، ورصد الشائع والنادر من الأسباب، وصولا لتكوين صورة مقطعية ترسم خريطة دقيقة لمنظومة الزواج والطلاق، لتشخيص المرض الكامن فى العصب المجتمعى.. ووصف العلاجات.
نسب الطلاق المرصودة من قبل خبراء الجهاز (الإحصائيين) هى نسب الطلاق المسجلة فى دفاتر المأذونين ومحاكم الأسرة، تخلو من حالات «الطلاق الشفوى»، وهذه تسجل معدلات ربما تفوق المعدلات المعلنة فى النشرة السنوية، ما يصل إلى المأذون نذر يسير من الحالات فى حالة استحالة العشرة.
ومستوجب نفرة من المؤسسات المعنية، حكومية ومدنية، اجتماعية ودينية، ويحضرنى فى هذا السياق إيجابيا لجنة التثقيف الزوجى للمقبلين على الزواج فى دار الإفتاء، ومثلها فى الكنيسة.. ضرورى تثقيف الشباب المقبلين على الزواج بالحياة الزوجية، لتأهيلهم نفسيا لحمل أعباء الحياة الجديدة ومتاعبها، وتقبل شريك العمر، سيما فى السنوات الخمس الأولى على الزواج، وهى السنوات التى تحفل بمعظم الطلاقات.
خلاصته، مستوجب التوفر على نشرات الجهاز المركزى للتعبئة العامـة والإحصاء، تحمل مؤشرات مهمة إذا أُحسن استثمارها من قبل مراكز الدراسات والأبحاث، توفر حلولا لمشاكل تبدو مقلقة.
وفى الأخير، لست مأذونا ولا خبيرا فى الشؤون الزوجية، ومصر ملأى بالخبرات التى إذا ما توفرت على ظاهرة الطلاق تمحيصًا، ولمست الأسباب تدقيقًا، لوصفت العلاجات الناجعة التى تخفض منسوب الطلاق.