الابتلاء في الإسلام: فهمه والتعامل معه بنور الإيمان

كتبت: دنيا أحمد
الابتلاء سنّة كونية لا يسلم منها إنسان، غنيًا كان أو فقيرًا، مؤمنًا أو غافلًا. لكنه في الإسلام ليس نقمة ولا عقوبة بالضرورة، بل قد يكون رفعة للدرجات، أو تطهيرًا للذنوب، أو اختبارًا للإيمان. ومن يتأمل في القرآن الكريم وسيرة النبي ﷺ يجد أن الابتلاء كان حاضرًا في حياة الأنبياء والصالحين، لا لينكسروا، بل ليزدادوا قربًا من الله.
فكيف نتعامل مع الابتلاء إذا حل؟ وما النظرة الصحيحة له من منظور إسلامي؟
١. فهم الابتلاء كجزء من سنن الحياة
قال تعالى:
“وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” [البقرة: 155]
المعنى: الابتلاء قادم لا محالة، والنجاح هو في كيفية استقباله، لا في الهروب منه.
٢. الصبر هو المفتاح الأول
الصبر لا يعني السكون التام أو الكبت، بل هو الثبات على طاعة الله، وعدم التسخط أو الاعتراض.
قال ﷺ: “وَمَن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ” [رواه البخاري]
نصيحة عملية: إذا مررت بأزمة، خذ وقتك لتتألم، لكن لا تتوقف عن الدعاء أو الصلاة، فذلك باب الصبر الحقيقي.
٣. الدعاء والتضرع من أعظم أسلحة المؤمن
قال تعالى:
“أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ” [النمل: 62]
في لحظات الضعف، لا ملجأ إلا الله، وهو أرحم بنا من أنفسنا.
٤. التفكر في الحكمة من الابتلاء
أحيانًا لا نفهم سبب البلاء، لكننا نثق في حكمة الله.
قال ابن القيم: “لولا مصائب الدنيا لوردنا القيامة مفاليس.”
تأمل: كم من محنة منحتك نضجًا، أو أعادتك إلى الله بعد غفلة؟
٥. عدم مقارنة نفسك بغيرك
مقارنة ابتلائك بما لدى الآخرين يضاعف الألم.
قال النبي ﷺ: “انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم…” [رواه مسلم]
نصيحة: ركّز على نعمك، لا على ما افتقدته.
٦. اليقين بأن الفرج قريب
قال تعالى:
“فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” [الشرح: 6]
ولم يقل “بعد العسر” بل “معه”، فمهما ضاق الحال، فإن الفرج يولد معه، لكننا فقط لا نراه بعد.

في النهاية، الابتلاء ليس نهاية الطريق، بل بوابة للترقي والتزكية. ومن استقبله بإيمان وصبر، خرج منه أقوى، وأقرب إلى الله.
فإن ضاقت بك الدنيا يومًا، فاجعل سلاحك: الصبر، الدعاء، وحسن الظن بالله.
ففي قلب كل محنة، منحة إلهية تنتظر من يدركها.





