الوهم.. الحقيقة التي نصنعها بأنفسنا

دنيا أحمد
في أعماق كل إنسان، مساحة مظلمة تسمى الوهم، نلجأ إليها عندما تضيق علينا الحياة، أو عندما لا نجد في الواقع ما نحتاجه.
الوهم ليس دائمًا كذبة نعيشها، بل أحيانًا هو ملاذ نفسي نختبئ فيه من الألم، أو جسر نحاول أن نعبُر به إلى حلم بعيد المنال.

لكن المشكلة تبدأ حين يتحول الوهم من راحة مؤقتة إلى واقع بديل نتمسك به، رغم أن كل الأدلة تصرخ في وجوهنا: “هذا ليس حقيقياً!”
نحن نُقنع أنفسنا أن من لا يحبنا قد يحبنا يومًا، وأن من خذلنا ربما يعود، وأن الفشل مجرد سوء فهم من العالم!
نُجمّل القبح، ونُزيّف القسوة، ونصنع من السراب ماءً نشربه… حتى إذا جفّت الحقيقة في أعيننا، تساءلنا بدهشة: كيف وصلنا إلى هنا؟

الوهم لا يقتلنا فجأة، بل يسرق أعمارنا بهدوء.
يجعلنا نركض خلف صور لا وجود لها، وننتظر أحداثًا لن تحدث، ونبني قرارات على مشاعر مختلقة، ثم نلوم الحياة لأنها لم تسر كما “توقعنا”.

لكن الحقيقة تظل واحدة:
الوهم خيار، واليقظة أيضًا خيار.
أن نرى الواقع كما هو، ليس ضعفًا، بل شجاعة. وأن نتخلى عن وهم جميل، هو أول الطريق نحو سلام داخلي حقيقي.
في النهاية قد يكون الواقع مؤلمًا، لكنه واضح.
أما الوهم، فمريح في البداية، لكنه يُنهك القلب، ويُطفئ البصيرة.
اختر أن تفتح عينيك، حتى لو أدمتك الحقيقة، فجرح الحقيقة خير من حضن الوهم.






